دقائق معدودة من النشاط البدني تحميك من الإصابة بالاكتئاب
نعلم جميعاً أهمية ممارسة الرياضة وأثر ذلك على صحتنا البدنية والعقلية، بل وصحتنا النفسية أيضاً؛ فقد توصلت أكبر دراسة من نوعها إلى أن ممارسة التمارين الرياضية يومياً لمدة 20 دقيقة يُخفض خطر الإصابة بالاكتئاب بمقدار الثلث. وذلك وفقًا للنتائج التي نشرت المجلة الأمريكية للطب النفسي The American Journal of Psychiatry.
فقد وجدت هذه الدراسة الكبيرة_التي أجريت في كينجز كوليدج لندن_ أن ممارسة الأنشطة الهوائية معتدلة الشدة لمدة 150 دقيقة أسبوعياً (مثل ركوب الدراجات أو المشي السريع) يساهم بشكل كبير في خفض أعداد المرضى المصابين بالاكتئاب.
وقد شملت الدراسة الحالية مراجعة النتائج الخاصة بـ 49 دراسة جماعية سابقة ضمت 266000 شخصاً؛ وتوصلت إلى أن الأشخاص الذين التزموا بممارسة التمارين الرياضية طوال فترة الدراسات السابقة _والتي بلغت سبع سنوات ونصف_ كانوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنةً بالذين لم يلتزموا بممارستها.
يُذكر أن “الجمعية الوطنية للصحة” في بريطانيا تنفق سنوياً حوالي 7.5 مليار جنيه استرليني من أجل التصدي للاكتئاب، منها 266 مليون يتم إنفاقها على مضادات الاكتئاب وحدها.
يقول الدكتور برندون ستابس_الباحث المشارك في الدراسة وأخصائي العلاج الطبيعي بمعهد الطب النفسي في كينجز كوليدج: “لقد وجدنا أن المستويات العالية من النشاط البدني كانت قادرة على منع حدوث الاكتئاب المستقبلي لدى كل من الأطفال والبالغين وكبار السن”.
ويضيف: “تلك النتائج يمكن تطبيقها على جميع سكان العالم؛ وذلك بعد مراعاة العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الصحة كمؤشر كتلة الجسم، والتدخين والحالة الصحية العامة”.
ويؤكد ستابس قائلاً: ” لقد انخفض خطر الإصابة بالاكتئاب بمقدار 31% لدى الأشخاص الذين اتبعوا التوصيات الحكومية بشأن ممارسة التمارين الرياضية”
“لذا عندما يتعلق الأمر بإصابتك بالاكتئاب من عدمه، فإن بعض النشاط البدني سيفيدك كثيراً، بل كلما ازداد نشاطك كانت قلت فرص إصابتك بالاكتئاب أكثر”.
من الجدير بالذكر أن شخصاً واحداً من بين كل أربعة أشخاص في بريطانيا يعاني من مشكلة صحية عقلية سنوياً، كما تبلغ نسبة الإصابة بالاكتئاب بين جميع السكان 3.3% (أي ما يوازي 2.14 مليون شخص).
ووفقاً لمراكز الصحة العقلية، فإن ما يقرب من 91 مليون يوم عمل يتم فقدها سنوياً في المصالح الحكومية ومكاتب العمل البريطانية بسبب الاكتئاب والقلق والإجهاد، مما يكلف الشركات حوالي 26 مليار جنيه استرليني من الإنتاجية المفقودة.
ويؤكد الباحثون أن الوقت قد حان ليتم ترجمة نتائج الدراسة إلى أفعال وتوصيات على أرض الواقع؛ وينبغي تشجيع الناس على أن يكونوا أكثر نشاطاً بصفة يومية.
يقول الدكتور جوزيف فيرث _الباحث المشارك في معهد الأبحاث الصحية التابع لجامعة ويسترن سيدني: “إن توفر الأدلة المؤكدة التي قدمتها تلك الدراسة يمثل دافعاً قوياً لإشراك جميع الأشخاص في برامج النشاط البدني المنتظم، وذلك عن طريق المدارس ومكاتب العمل والبرامج الترفيهية المختلفة، سعياً منا لتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب خلال فترة الحياة”.
كما يضيف الأستاذ الدكتور فيليب باريتو شوش _المؤلف الرئيسي للدراسة: “تمثل الدراسة الحالية أول مشروع عالمي لإثبات أن ممارسة النشاط البدني مفيد لحماية السكان من الإصابة بالاكتئاب؛ حيث كانت النتائج شديدة الوضوح ويمكن تطبيقها على جميع الأشخاص من مختلف الفئات العمرية وفي جميع أنحاء العالم”.