تفشي سلالة جديدة من التيفوئيد (Typhoid) المقاوم للمضادات الحيوية
تمكن العلماء في معهد ويلكوم سانجر للصحة العامة في إنجلترا -بالتعاون مع جامعة آغا خان في باكستان- من اكتشاف الجين المسؤول عن اكتساب إحدى سلالات بكتيريا التيفوئيد القدرة على مقاومة خمسة فئات من المضادات الحيوية.
وتبين هذه الدراسة أن سلالة التيفوئيد التي تسببت في تفشي المرض قد حصلت على قطعة إضافية من الحمض النووي لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية المتعددة، بما في ذلك المضادات الحيوية من الجيل الثالث.
إن النتائج التي تم نشرها بواسطة مجلة mBio تشير إلى أن خيارات العلاج الفعالة ضد حمى التيفوئيد قد بدأت في النفاد، ولذلك فإن هناك حاجة ملحة للبحث عن استراتيجيات وقائية جديدة، بما في ذلك اللقاحات.
وتعد حمى التيفوئيد عدوى بكتيرية تسببها بكتيريا السالمونيلا المعوية، وهي حمى شديدة العدوى وواسعة الانتشار بين سكان المناطق التي تعاني من سوء الصرف الصحي، أو استهلاك الأغذية أو المياه الملوثة.
وتشمل أعراض حمى التيفوئيد آلاماً في المعدة، والصداع، والإمساك أو الإسهال، وإذا تُركت الحمى بدون علاج فمن الممكن أن تصبح قاتلة.
يوجد في الوقت الحالي تفشٍ كبير لحمى التيفوئيد في باكستان، كما ظهرت حالة في المملكة المتحدة بعد قيامها بالسفر الجوي، وقد تم عزلها ومعالجتها.
وقد بدأ تفشي المرض في نوفمبر 2016، وتم التعرف عليه على الفور وإبلاغ السلطات الصحية العامة في المقاطعات الباكستانية، حيث يجري الآن تحقيقاً واسعاً لمعرفة المصدر وراء انتشار تلك العدوى، وإيجاد التدابير اللازمة للحد من انتشارها بما في ذلك استخدام اللقاحات.
لقد قامت هيئات الصحة العامة بتزويد الأطباء بالمعلومات التي ساعدتهم على التعرف على حالات التيفوئيد، وبوجه خاص الحالات المقاومة للسيفترياكسون -وهو مضاد حيوي يتم استخدامه لعلاج العدوى المقاومة للأدوية المتعددة-.
إن تلك السلالة البكتيرية المُسببة لعدوى التيفوئيد لديها القدرة على مقاومة خمسة أنواع من المضادات الحيوية، وهو أعلى مستوى من المقاومة تم تسجيله من قبل.
لقد قامت البروفيسور رومينا حسن، والدكتورة ساديا شاكور من جامعة الآغا خان في باكستان -والمتعاونتين مع معهد ويلكوم سانجر في تلك الدراسة- بتحليل الوباء جينياً، حيث قام العلماء المشاركين في الدراسة بإجراء سلسلة كاملة من تحاليل الجينوم لعينات التيفوئيد من باكستان، وذلك لمعرفة السبب وراء قدرة تلك السلالة من البكتيريا على مقاومة المضادات الحيوية.
وقد اكتشف الفريق البحثي أن تفشي وباء التيفوئيد كان ناجماً عن السلالة H58، وهي سلالة معروفة بأنها مُقاومة للعديد من الأدوية.
وقد توصل الباحثون إلى أن هذه السلالة من H58 قد اكتسبت جزءا إضافياً من الحمض النووي البكتيري (البلازميد)، وهو المسؤول عن ترميز الجينات الإضافية المقاومة للمضادات الحيوية. ويرجح أن تكون بكتيريا التيفوئيد قد اكتسبت تلك القطعة من الحمض النووي من خلال بكتيريا الاشريكية القولونية E.coli.
لقد وجد علماء الصحة العامة في إنجلترا أن سلالة بكتيريا التيفوئيد التي تسببت في العدوى لفرد من المملكة المتحدة، هي مطابقة لتلك المسؤولة عن تفشي الوباء في باكستان، حيث قد كان ذلك الشخص في زيارة إليها.
يقول البروفيسور جوردون دوغان -الباحث الكبير في معهد ويلكوم سانجر، وكلية الطب بجامعة كامبريدج-: “لقد استخدمنا التسلسل الجيني للكشف عن الكيفية التي أصبحت بها هذه السلالة من التيفوئيد مقاومة لعدة مضادات حيوية رئيسية، لقد شوهدت حالات متفرقة من التيفوئيد مع هذه المستويات من المقاومة في وقت سابق، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها ذلك التفشي المستمر للعدوى وهو أمر مقلق “.
وتقول الدكتورة إليزابيث كليم -من معهد ويلكوم سانجر-: “إن المقاومة للمضادات الحيوية تتصاعد في التيفوئيد على مدى عقود، وقد كان هذا التفشي ناجماً عن سلالة مقاومة للعديد من الأدوية نتيجة اكتسابها قطعة إضافية من الحمض النووي. لقد قمنا بتصنيف هذه السلالة البكتيرية بأنها مقاومة للأدوية على نطاق واسع، وتلك هي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل تلك الظاهرة”.
كما قال الدكتور تشارلي ويلر -رئيس قسم اللقاحات في ويلكوم-: “إن خيارات العلاج المتاحة للتيفوئيد تنفد، وقد حان الوقت للتركيز على الوقاية بدلاً من العلاج. إن لدينا فرصة فريدة لمعالجة التيفوئيد باستخدام لقاح التيفوئيد الجديد، والذي تم التصريح به مؤخراً من قِبل منظمة الصحة العالمية”.