اضطراب النوم لفترة قصيرة يرتبط بزيادة فرص الإصابة ببعض المشاكل النفسية
توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الإيقاع اليومي الخاص بهم لمدة 24 ساعة، هم أكثر عرضة للتغيرات المزاجية والشعور بالوحدة، وذلك وفقًا للدراسة التي نشرت في مجلة لانسيت – the lancet.
يقول دانيال سميث _أستاذ الطب النفسي بجامعة غلاسجو والمؤلف الرئيسي للبحث-: “نتيجة لتبنى أنماط معيشية نشطة على مدار الـ24 ساعة من قبل معظم الأفراد، ولأنه بحلول العام 2050 سوف يصبح ثلثا سكان العالم عرضة لهذه الاضطرابات اليومية؛ لذا فهي مشكلة عامة، تفرض علينا التفكير في كيفية المحافظة على أنماط حياتنا الطبيعية من حيث الراحة والنشاط في ظل تلك الأنماط المعيشية؟ وكيف نصمم المدن السكنية الجديدة بحيث تراعي الصحة العقلية لسكانها؟”.
تُعد تلك الدراسة هي الأكبر من نوعها، حيث قام بها فريق من الباحثين من اسكتلندا وايرلندا والسويد، لاستكشاف العلاقة بين الصحة العقلية ودورات النوم والنشاط على مدار الساعة (والمعروفة باسم إيقاع الساعة البيولوجية).
وقد نظر الفريق في بيانات أكثر من 91000 مشارك، تمت متابعتهم من خلال جهاز تتبع تم تثبيته على رسغ المشاركين، بحيث يقوم بتسجيل عدد الحركات التي يقومون بها لكل ثانية وعلى مدار أسبوع كامل؛ وذلك في الفترة ما بين عامي 2013 و2015.
بعد ذلك، نظر الفريق في مدى نشاط الأفراد في المتوسط من خلال مقارنة أكثر 10 ساعات نشاطاً خلال يومهم بأقل خمس ساعات نشاطاً في نفس اليوم، وذلك لحساب ما يعرف بـ”المدى النسبي – relative amplitude”.
وبعد تقسيم المشاركين إلى خمس مجموعات تقريباً استناداً إلى المدى النسبي وتحليل النتائج الخاصة بهم، وجد الباحثون أنه بمجرد مراعاة العوامل التي تشمل العمر والجنس، والموسم الذي كان يرتدي فيه المشترك متتبع الرسغ، والوضع الاجتماعي والاقتصادي وحالة التدخين، فقد بدا أن المدى النسبي المنخفض يرتبط بصحة نفسية أكثر فقراً.
وقال سميث “يساعدنا المدى النسبي في معرفة معدل الاضطراب وعدم التناسق في أوقات الراحة مقارنة بأوقات النشاط؛ فالأشخاص الذين ينامون جيداً أثناء الليل يتمتعون بأكبر قدر من الصحة والنشاط خلال ساعات النهار، ولديهم درجة عالية من المدى النسبي. في حين أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بنوم هادئ أو ينهضون من الفراش عدة مرات أثناء الليل تنخفض قدرتهم على العمل بشكل كبير على مدار اليوم، ولديهم أدنى مستويات من المدى النسبي”.
ومن خلال بعض الاستبيانات التي أكملها المشاركون في الدراسة، وجد الباحثون أن اضطرابات النوم كانت مرتبطة بشكل كبير مع زيادة الشعور بالوحدة، وعدم اتزان ردود الأفعال وأيضاً الانفعال والعصبية.
وقد أوصى سميث بضرورة تجنب الأنشطة التي قد تتعارض مع الإيقاع اليومي، مثل استخدام الهواتف المحمولة قبل النوم مباشرة، والذي قد يقلل من جودة النوم، والذي بدوره يؤثر على الحالة النفسية والمزاجية.
ورحب الدكتور بول كيلي _من الجامعة المفتوحة_ بالدراسة قائلاً أن النتائج التي توصلت إليها تضاف إلى مجموعة متنامية من الأبحاث السابقة التي ربطت بين انتظام الإيقاعات اليومية والصحة العقلية؛ ولكنه أضاف أنه من المهم ملاحظة أن ساعات العمل تختلف بين الأفراد، وهذا يعني أن المرونة مهمة في كل من مكان سواء في العمل أو المدارس، وقال: “لا يوجد توقيت مثالي يُناسب الجميع”.