هل يُمكن أن يؤدي تلوث الهواء إلى العمى؟ إليك هذه الدراسة البريطانية

تناولت دراسة جديدة_أجراها فريق من العلماء البريطانيين من جامعة لندن كوليدج_طبيعة العلاقة بين التعرض لتلوث الهواء والإصابة بأمراض العيون؛ مُحاولةً الإجابة على هذا السؤال: هل يُمكن أن يؤدي تلوث الهواء إلى العمى؟

فقد أدرك العلماء إمكانية وجود علاقة بين الأمرين، خاصةً بعد زيادة عدد الإصابات بالعمي تزامنًا مع ارتفاع نسبة الملوثات بالهواء.

كما لاحظوا تسجيل عدد إصابات أعلى بالجلوكوما (ارتفاع ضغط العين) في المناطق السكنية القريبة من مصادر العوادم الصناعية والدخان.

هل يُمكن أن يؤدي تلوث الهواء إلى العمى؟
هل يُمكن أن يؤدي تلوث الهواء إلى العمى؟ إليك هذه الدراسة البريطانية

وقد كان الباحثون في السابق يٌفسرون ارتفاع نسب الإصابة بالجلوكوما بأن هؤلاء السكان لديهم ضغط دم مرتفع (لسبب أو لآخر).

ولكن الدراسة الحالية تشير إلى أن الهواء المُحمل بالملوثات ربما يلعب دورًا في هذا، فقد يُتلف_بشكل مباشر_الأوعية الدموية الموجودة بالعين.

حيث دلت النتائج على أن الأشخاص الذين يعيشون في أحياء سكنية بها تركيزات أعلى من ملوثات الهواء ارتفعت لديهم نسبة الإصابة بالجلوكوما بمقدار 6%؛ وذلك مقارنةً بمن يعيشون في الأحياء الأقل تلوثًا.

وبالتحليل الدقيق لمكونات الهواء في تلك المناطق، وُجد أن تركيز الجسيمات بها يتراوح بين 10.46-19.69 ميكروجرام/متر مكعب.

بينما توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة ألا يتخطى تركيز ملوثات الهواء في أي منطقة سكنية 9.38 ميكروجرام/متر مكعب.

وتُحذر المنظمة من الأضرار الصحية الجسيمة التي قد تترتب على تخطي تركيز الجسيمات الهوائية تلك النسبة المُصرح بها.

يقول البروفيسور بول فوستر_من مستشفى مورفيلدز للعيون-بريطانيا: “لقد وجدنا سببًا آخر يدفعنا لمقاومة تلوث الهواء بكل ما أوتينا من قوة”.

“فقد لاحظنا تضرر الأوعية الدموية المُغذية لجميع أجزاء العين في المرضى الذين يتعرضون باستمرار للهواء الملوث”.

“وعلى الرغم من أننا لم نتمكن_حتى الآن_من إثبات العلاقة السببية بين تلوث الهواء والإصابة بالجلوكوما، إلا أننا ننصح مرضانا بتجنب الهواء الملوث قدر الإمكان”.

ويضيف فوستر: “إننا مستمرون في دراساتنا وأبحاثنا حتى نُثبت بشكل قطعي تأثير تلوث الهواء على صحة العيون”.

شملت الدراسة_التي نُشرت في مجلة Investigative Ophthalmology & Visual Science_تحليلًا للبيانات الخاصة بـ 111370 مريضًا بريطانيًا ممن أجروا اختبارات فحص العين في الفترة 2006-2010.

وقد تم ربط نتائج الفحص بالبيانات الواردة عن مناطق سكنهم وأماكن عملهم، ومعدلات انتشار تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة بها.

وعلى الرغم من أن الدراسة تُعد رصدية فقط، إلا أنه يصعب تنفيذ التجارب التي تُحاكي الواقع على البشر.

فمن غير الأخلاقي تعريض بعض الأشخاص للجسيمات المُلوثة، والتي من المحتمل أن تتسبب في الأذى الشديد لأعينهم.

يقول الدكتور شارون شوا_الباحث بجامعة كاليفورنيا: “إننا نعتقد أن تلوث الهواء قد يؤدي بالفعل إلى الجلوكوما، فهو يُضيق الأوعية الدموية بالعين ويُعيق تدفق الدم بها”.

“إضافةً إلى ذلك، فتلوث الهواء يؤثر سلبًا على وظائف القلب وقدرته على ضخ الدم في تلك الأوعية الدقيقة”.

ويضيف: “هناك احتمال آخر، وهو أن الجسيمات ربما يكون لها تأثير سام مباشر على الجهاز العصبي، وتساهم في حدوث الالتهاب.”

يُذكر أن حوالي نصف مليون شخص في بريطانيا وحدها مصابون بالجلوكوما، والتي تحدث عندما تتراكم السوائل بداخل العين ويرتفع ضغطها.

وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط الواقع على العصب البصري (الذي يربط العين بالمخ)؛ وهو ما قد ينتهي بالمريض إلى فقدان البصر تمامًا والإصابة بالعمي.

ويُعد العمى أحد المخاطر الجديدة التي تُضاف إلى قائمة أضرار تلوث الهواء، والتي تشمل أمراض الرئة والقلب، والأمراض العصبية كألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى