إصابات الرأس الخفيفة ترفع من احتمالية الإصابة بالخرف

توصلت دراسة جديدة قام بها باحثون من كلية الطب بجامعة واشنطن إلى أن الأشخاص الذين عانوا من إصابات الرأس بما في ذلك الارتجاج الخفيف، هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالخرف.

إصابات الرأس الخفيفة ترفع من احتمالية الإصابة بالخرف

وقد وجد العلماء أن كل من شدة إصابة الدماغ وتكرارها، إضافة لصغر السن، هي جميعها من عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة؛ فحتى أولئك الذين عانوا من ارتجاج خفيف ولمرة واحدة فقط كان لديهم خطراً أعلى للإصابة بالخرف بنسبة 17%.

يقول كبير الباحثين الأستاذ جيسي فان -من كلية الطب بجامعة واشنطن-: “إن الأفراد الذين لديهم تاريخ لإصابات الدماغ -بما في ذلك الإصابات البسيطة- لديهم خطر متزايد للإصابة بالخرف، حتى بعد مرور عقود على حدوث الإصابة”.

ويضيف: “ومع ذلك، فمن المهم التأكيد على أنه على الرغم من أن الخطر النسبي للخرف قد ازداد بعد إصابة الدماغ، إلا أن زيادة المخاطر المطلقة مازالت منخفضة. إن النتائج التي توصلنا إليها لا تشير إلى أن كل من يعاني من إصابة في الدماغ سوف يتعرض للإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة”.

يُذكر أن إصابات الدماغ -التي تحدث عادةً بسبب السقوط أو حوادث السيارات أو الاعتداء- تؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بمرض الزهايمر وأشكال الخرف الأخرى بنسبة تقارب الربع (24%)، ولكن العلماء الأمريكيون والدنماركيون يرون أن فرص حدوث الزهايمر كنتيجة لإصابات الدماغ لا تزال منخفضة.

أما فيما يتعلق بالخرف، فهو يعتبر الآن السبب الرئيسي للوفاة في المملكة المتحدة؛ مع وجود 61000 حالة جديدة في سنوياً،
وتختلف أعراض الخرف من حيث شدتها، ولكنها تتضمن عادة ضعف الذاكرة، الارتباك وفقدان القدرة على القيام بالأنشطة اليومية.

وقد قام العلماء في تلك الدراسة بمتابعة ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص في الدنمارك على مدى 36 عامًا؛ في واحدة من أكبر الدراسات من نوعها، وتوصلوا إلى أن نسبة 5.3% من بين الأشخاص المصابين بالخرف كان لديهم تاريخ سابق لإصابات الرأس.
أما أولئك الذين عانوا من إصابات بالغة فقد كان لديهم فرصة أكبر بنسبة 35% للإصابة بالخرف مقارنة بمن لم تسبق لهم الإصابة.

وفيما يخص الذين أصيبوا بخمسة إصابات أو أكثر من إصابات الرأس فقد كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار ثلاث أضعاف، وذلك مقارنةً بالشخص الذي لم يعانِ أبداً من الإصابة، مما يوحي بأن الملاكمين قد يكونوا معرضين لخطر خاص.

ومما يثير قلق العلماء هو أن النتائج تشير إلى أنه كلما كان الشخص صغير السن عندما تعرضه لإصابة في الرأس، كلما ازدادت فرصة إصابته بالخرف في السنوات اللاحقة.

يؤكد مؤلفو الدراسة الحالية -والتي نشرت في مجلة (The Lancet Psychiatry)- أن الأبحاث السابقة حول الروابط بين إصابات الدماغ والخرف قد أدت إلى نتائج متضاربة، حيث أن أحجام العينات الصغيرة وفترات المتابعة القصيرة كانا من العوامل التي جعلت النتائج السابقة غير موثوقة.

ويُعلق البروفيسور كارول براين -من جامعة كامبريدج- على نتائج الدراسة؛ مؤكداً أنه يجب القيام بالمزيد من الأبحاث للتأكد من مكان وكيفية وقوع الإصابات.

تقول الدكتورة كارول روتليدج -مديرة أبحاث مرض الزهايمر في المملكة المتحدة-: “إن هذه الدراسة التي أجريت على نحو جيد تضيف وزنا كبيرا للأدلة السابقة على وجود صلة بين إصابة الرأس وزيادة خطر الإصابة بالخرف”.

لقد تمكن الباحثون في هذه الدراسة من الاستفادة من السجلات الصحية الشاملة التي تخص ما يقرب من 3 ملايين شخص في الدنمارك؛ لاستكشاف خطر الخرف على المستوى الوطني وإلقاء مزيد من الضوء على الآثار الصحية طويلة المدى لإصابات الرأس.

و لكن الدكتور دوج براون -كبير مسؤولي السياسات والأبحاث في جمعية ألزهايمر- يؤكد أن هناك عوامل خطر معروفة للخرف، وقال: “إن أكثر من 95% من الأشخاص الذين أصيبوا بالخرف في هذه الدراسة لم يسبق لهم التعرض لإصابات الرأس، لذلك فإن الدراسة لا تخبرنا يقيناً بأن إصابة الرأس المؤلمة هي سبب واضح للخرف”.

وكما تؤكد التقارير السابقة فإن الأشخاص الذين أصيبوا إصابات دماغية معرضون لخطر متزايد بشكل طفيف للإصابة بالخرف، إلا أن خطرها أصغر بكثير من الدور الذي يلعبه التدخين أو الحياة الخاملة أو غيرها من العوامل التي يمكننا التحكم فيها.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى