"البويضة" ترسل إشارات عندما تكون جائعة.. تماماً كالأطفال!
جميعنا يعلم أن الخلايا الحية تحتاج إلى الغذاء من أجل أن تبقى، وأن تؤدي وظيفتها على الوجه الأمثل. ففي البشر والثدييات بصفة عامة، تحتاج الخلايا التناسلية الأنثوية (البويضات) إلى الغذاء بهدف النمو والحفاظ على خصوبتها، وتحصل على هذا الغذاء عن طريق أنابيب دقيقة تشبه الأذرع تسمى “الأرجل الكاذبة الخيطية – الفيلوبوديا”.
تنشأ تلك الـ”فيلوبوديا” من طبقة الخلايا الدقيقة التي تحيط بالبويضة، وتمر خلالها مخترقةً جدارها السميك من أجل إيصال الطعام إلى أجزائها الداخلية.
لقد كانت هذه الحقائق معروفة لدى العلماء، ولكنهم لم يفهموا حقاً متى وكيف يتم بناء أنابيب التغذية تلك؟!
أم الآن، فقد اكتشف فريق في معهد الأبحاث التابع للمركز الصحي لجامعة ماكجيل -تحت قيادة العالم الدكتور هيو كلارك- أن البويضة نفسها هي المسئولة عن إطلاق الإشارات الخاصة بتكوين الـ “فيلوبوديا” عندما يأتي موعد طعامها!
لقد وجد الفريق أن البويضة لديها مهارات اتصال معقدة للغاية، تستطيع من خلالها أن ترسل تلك الإشارات إلى الخلايا المحيطة بها عندما يحين وقت الحصول على الطعام، فما يكون من تلك الخلايا الصغيرة إلا تكوين الأنابيب اللازمة لتغذية البويضة.
كما وجد الباحثون أيضاً أنه مع نمو البويضة تزداد احتياجاتها إلى الطعام، وبالتالي فإن الإشارات الصادرة عنها لتكوين أنابيب التغذية تزداد أيضاً، وقد تم نشر هذه النتائج في مجلة Current Biology.
وقد أوضحت الدراسة أن عوامل النمو التي تفرزها البويضة _خاصةً عامل تمايز النمو 9_ هي المسئولة عن مضاعفة أنابيب التغذية ومواصلة النمو، حيث تعمل بشكل مباشر على الخلايا الجريبية المحيطة بالبويضة ذاتها.
يقول الدكتور كلارك -مؤلف الدراسة الرئيسي، وأحد كبار العلماء في برنامج صحة الطفل والتنمية البشرية-: “لقد تبين أن البويضة تلعب دورًا نشطًا في خلق البيئة الدقيقة المحيطة بها، والتي تحتاج إليها لمواصلة نموها”.
كما تضيف ستيفاني الحايك -إحدى طالبات كلارك-: “لقد لاحظنا أن عملية تطوير البويضات بأكملها وتفاعلها مع بيئتها ليست ثابتة؛ إنها ديناميكية للغاية”.
ووجد الفريق أيضا أنه في الفئران الأكبر سناً، أنتجت الخلايا المحيطة بالبويضة أنابيب تغذية أقل، وهو الأمر الذي قد يفسر لماذا لا تنجح بويضات النساء المسنات في إنتاج أطفال أصحاء.
إن نتائج تلك الدراسة يمكن أن تؤدي في يوم من الأيام إلى إمكانية زيادة الخصوبة -أو حتى الاحتفاظ بالخصوبة لفترة أطول عند التقدم في السن، وذلك إذا ما تم فهم آلية إطعام البويضة بصورة أفضل، وما إذا كانت الخلايا المحيطة بها تنتج أنابيب التغذية بشكل يتناسب مع نمو البويضة.
يقول الدكتور كلارك: “إن فهم كيفية تفاعل البويضة مع بيئتها سيسمح لنا بضمان احتفاظ البويضات النامية بخصوبتها، كما قد يمكننا أيضًا من تطوير تقنيات جديدة تسمح بإنماء بويضات صحية في المختبر، في محاولة للحفاظ على خصوبة النساء المصابات بالسرطان”.