الصحة العالمية: 10% من الأدوية في البلدان النامية غير صالحة للاستخدام وقد تؤدي للوفاة

تشير أحدث التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO) أن حوالي  1 من بين كل 10 منتجات طبية منتشرة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل  إما دون المعايير القياسية أو مزيفة (مغشوشة). وهذا يعني أن الأفراد في هذه البلدان يتناولون أدوية تفشل في علاج المرض أو منعه، وهذا ليس فقط مضيعة للمال وإهدار للموارد الصحية، ولكن هذه المنتجات الطبية يمكن أن تسبب أمراضا شديدة الخطورة أو حتى الموت.

الصحة العالمية 10% من الأدوية في البلدان النامية غير صالحة للاستخدام وقد تؤدي للوفاة

يقول الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: “الأدوية التي تفتقر للمعايير المطلوبة أو المزيفة تؤثر بشكل خاص على المجتمعات الأكثر ضعفا. تخيل الأم التي تتخلى عن الطعام أو غيره من الاحتياجات الأساسية لدفع ثمن علاج طفلها، ولا تدرك أن الأدوية المزيفة قد تودي بطفلها للهاوية. هذا غير مقبول. وقد اتفقت الدول على عدة إجراءات لتطبيقها على المستوى العالمي – وقد حان الوقت لترجمتها الى عمل ملموس “.

ومنذ عام 2013، تلقت منظمة الصحة العالمية 1500 تقريرا عن حالات من منتجات دون المعايير القياسية أو مزيفة، ومن بين هذه الأدوية المضادات الحيوية والأدوية المضادة للملاريا وكلها أدوية شائعة الاستخدام. وتأتي معظم التقارير (42 في المائة) من الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية، و 21 في المائة من إقليم الأميركتين و 21 في المائة من الإقليم الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية.ومن المرجح أن يكون ذلك جزءا صغيرا من المشكلة الكلية، فقد لا يتم الإبلاغ عن حالات كثيرة.

يقول الدكتور ماريانجيلا سيماو، المدير العام المساعد في منظمة الصحة العالمية: “إن العديد من هذه المنتجات، مثل المضادات الحيوية، حيوية لبقاء الناس، والأدوية التي تفتقر للمعايير المطلوبة أو المزيفة ليس لها تأثير مأساوي على المرضى وأسرهم فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا لمقاومة مضادات الميكروبات، وهو الشبح الذي يهدد المجتمع الطبي حاليا”.

وقبل عام 2013، لم يكن هناك تقرير عالمي عن هذه المعلومات، ومنذ أن أنشأت منظمة الصحة العالمية النظام العالمي للرصد والمراقبة للمنتجات الطبية دون المعايير القياسية أو المزيفة، فإن العديد من البلدان تنشط الآن في الإبلاغ عن الأدوية واللقاحات والأجهزة الطبية المشبوهة. وقد دربت منظمة الصحة العالمية 550 منظمة تنظيمية من 141 بلدا على اكتشاف هذه المسألة والاستجابة لها. ومع تدريب عدد أکبر من الناس، یتم إبلاغ منظمة الصحة العالمیة بمزید من الحالات.

ويشير التقرير أن معدل الفشل في المنتجات الطبية يصل حوالي 10.5% في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، واستندت هذه الدراسة إلى أكثر من 100 ورقة بحثية منشورة عن الدراسات الاستقصائية لجودة الدواء أجريت في 88 بلدا من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل وشملت 48 ألف عينة من الأدوية. ويعني عدم وجود بيانات دقيقة أن هذه التقديرات هي مجرد مؤشر على حجم المشكلة. وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث لتقييم الخطر الذي تشكله المنتجات الطبية دون المعايير المطلوبة أو المزيفة على نحو أدق.

واستنادا إلى تقديرات بنسبة 10٪ للأدوية دون المعايير المطلوبة أو المزيفة، فإنه ووفقا لمعايير أعدتها جامعة أدنبرة فإن ما يتراوح بين 72 ألف و 169 ألف طفل قد يموتون سنويا بسبب الالتهاب الرئوي بسبب المضادات الحيوية المتدنية النوعية والمزيفة. ويقدر النموذج الثاني الذي أجرته كلية لندن للصحة العامة والطب المداري أن الوفيات الإضافية الناجمة عن الملاريا قد تصل إلى 116 ألف (64 – 158 ألف) كل عام بسبب مضادات الملاريا دون المعايير المطلوبة والمزيفة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بتكلفة قدرها دولار أمريكي 38.5 مليون (21.4 مليون – 52.4 مليون).

وتصل المنتجات الطبية دون المعايير المطلوبة إلى المرضى عندما تكون الأدوات والقدرة التقنية على إنفاذ معايير الجودة في التصنيع والتوريد والتوزيع محدودة. ومن ناحية أخرى، تميل المنتجات المغشوشة إلى الانتشار حيث تتفاقم عدة مشاكل منها عدم كفاية التنظيم والحوكمة من خلال ممارسة غير أخلاقية من جانب تجار الجملة والموزعين وتجار التجزئة والعاملين في مجال الرعاية الصحية. وتحدث نسبة عالية من الحالات المبلغ عنها في البلدان التي تعاني من صعوبة في الحصول على المنتجات الطبية.

ويمثل الشراء من الانترنت لمثل هذه المنتجات الطريقة المثلى للالتفاف على الرقابة التنظيمية وخاصة في البلدان المرتفعة الدخل.

“وخلاصة القول فهذا الأمر مشكلة عالمية “، كما يقول الدكتور سيماو. “وتحتاج البلدان إلى تقييم مدى المشكلة في الداخل والتعاون على الصعيدين الإقليمي والعالمي لمنع الاتجار بهذه المنتجات وتحسين الكشف والتعامل مع مثل هذه الحالات”.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى