دواء جديد قد يشكل علاجًا جذريًا لنزلات البرد

كثيراً ما نُصاب بنزلات البرد التي تصيبنا بالخمول الشديد وعدم القدرة على العمل؛ ولم يكن بوسعنا فعل أي شيء لمواجهتها سوى النوم والراحة لفترات طويلة، وتناول الحساء الساخن وفيتامين-سي.
ولكن ألم يحن الوقت لإيجاد علاج جذري لتلك المشكلة؟!

دواء جديد قد يشكل علاجًا جذريًا لنزلات البرد

لقد تمكن الباحثون في جامعة إمبريال كوليدج لندن من تطوير جزئ جديد لا يستهدف أعراض البرد أو حتى الفيروس نفسه، وإنما يؤثر على الخلايا الموجودة بداخل أجسامنا والتي “تخوننا” عندما نتعرض للإصابة بالبرد؛ وذلك وفقًا للبحث الذي نشر في مجلة Nature Chemistry.

يصعُب على الأطباء والباحثين علاج نزلات البرد الشائعة، وذلك لوجود المئات من السلالات الفيروسية المختلفة المسببة لهذا المرض؛ وبالتالي فإن العلاج الذي يتمكن من استهداف سلالة معينة قد يفشل نتيجة مقاومة السلالة الأخرى.

والأهم من ذلك؛ فإن الفيروسات كائنات سريعة التطور والتباين بمرور الوقت، وهذا يعني أن حتى العلاج الذي ينجح في القضاء على الفيروس حالياً قد يصبح عديم الجدوى مستقبلاً.

وبما أننا نقف عاجزين أمام علاج الفيروس الفعلي، فقد صرفنا اهتمامنا نحو علاج الأعراض المصاحبة لنزلات البرد فقط؛ معتمدين على جهاز المناعة الخاص بنا في طرد الفيروس من الجسم بعدما يقوم بفعل ما يريد بداخل خلايانا، بينما يقتصر دورنا فقط على المشاهدة فقط.

لقد قرر فريق إمبريال كوليدج اتباع نهج فريد في التعامل مع تلك المشكلة؛ فحيث أننا غير قادرين على مواجهة جميع السلالات الفيروسية المسببة لنزلات البرد، فلِم لا نجعل الجسم البشري نفسه غير ملائم لاستضافة هذه الفيروسات؟

عندما يدخل فيروس البرد إلى الجسم، فإنه يسيطر على بروتين خلوي معين يُسمى (NMT) ويستخدمه لصنع القُفَيصَة (غلاف بروتيني يحيط بالفيروس)، لكي تحميه وتمكنه من التكاثر.

ومن ثم فقد طور فريق إمبريال كوليدج جزيئاً خاصاً يسمى (IMP-1088) يستطيع منع العديد من سلالات فيروس البرد من الوصول إلى بروتين (NMT).

وبما أن جميع الفيروسات تعتمد على (NMT) بالطريقة نفسها، فإن الفريق البحثي يتوقع أن يتم تطوير جزيئات (IMP-1088) للقضاء على السلالات الفيروسية الأخرى.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء معالجة نزلات البرد باستهداف الخلايا البشرية، ولكن المحاولات السابقة قد ثبت أنها سامة لأجسامنا.

ولم يُظهر جزئ (IMP-1088) أي تأثير سلبي على الخلايا البشرية خلال التجارب المعملية، ولذلك يأمل الفريق أن ينتقل من مرحلة التجارب في المختبر إلى التجارب المباشرة على الحيوانات، ثم على البشر.

ولا يستطيع الباحثون التنبؤ بالمدة التي قد تستغرقها هذه التجارب، ولكنها على أي حال سوف تقل عن ثلاثة آلاف عام؛ وهي المدة التي استغرقتها البشرية لكي تتمكن من التعامل مع نزلات البرد بشكل فعال.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى