تقنية ثورية لاستعادة الإبصار باستخدام الخلايا الجذعية
في أول جراحة من نوعها، تمكنت مجموعة من الأطباء البريطانيين من استخدام الخلايا الجذعية لإصلاح النسيج العصبي المنتكس في الجزء الخلفي لعيني مريضين، وقد كللت العملية بنجاح وتمكن المصابان من استعادة قدرتهما على الإبصار بشكل طبيعي بعد العملية.
وقد عان المصابان من حالة تسمى التنكس البقعي (macular degeneration)، وهي حالة مرتبطة بالسن، ينتج عنها تلف في جزء من شبكية العين الحساسة للضوء، وتعد مسؤولة عن نصف حالات العمى تقريباً.
وتساعد هذه الطبقة من نسيج العين_ والتي تسمى ظهارة الصباغ الشبكية (retinal pigment epithelium)_ على نقل المواد المغذية إلى الطبقة الخارجية للشبكية وإزالة النفايات منها، وبالتالي يؤدي فقدانها إلى تراكم المواد التي تقتل الخلايا المحيطة ببطء، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي ذلك التدهور المستمر إلى تشكل بقعة عمياء تتداخل مع مجال رؤية الشخص.
وعلى الرغم من أن الأسباب الأساسية لتلف هذه الطبقة من الخلايا غير واضحة تمامًا، إلا أن خطر الإصابة بهذه الحالة يزداد بشكل كبير في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.
وعلى الرغم من صغر حجمها ، فإن موقع البقع العمياء قد يقع على منطقة صغيرة تسمى البقعة (macula) _وهي منطقة من الأنسجة التي تلتقط معظم تفاصيل الأجسام التي نركز النظر عليها، وبالنسبة لدوغلاس ووترز _البالغ من العمر 86 عاما_ وهو أحد المتلقين للعلاج ، فإن هذا يعني فقدان نصف مجال الإبصار الخاص به.
يقول ووترز لمراسل بي.بي.سي: “في الشهور التي سبقت العملية كان نظري ضعيفا حقا، ولم أتمكن من رؤية أي شيء من عيني اليمنى.”
وتوجد علاجات لأشد أشكال التنكس البقعي، ولكن يمكنها أن تتضمن تكرار حقن العين، وهو نوع من العلاجات المزعجة.
وقد كان ووترز واحدا من اثنين من المرضى الذين خضعوا لعملية جراحية قبل عام، حيث تم إدخال رقعة من الخلايا الجذعية التي لا تزيد سماكتها على 40 ميكرون، وعرضها 4 × 6 ملم في شبكية العين.
وقد تم زراعة هذه الخلايا لتعويض الخلايا المتنوعة المتواجدة في الظهارة الصبغية الشبكية، إضافة إلى إحاطتها بمركب اصطناعي ساعدها على الالتصاق في مكانها.
وأظهرت الدراسة _التي نشرت نتائجها في مجلة Nature Biotechnology_ بعد متابعة لمدة 12 شهرًا أن القدرة البصرية لكلا المريضين قد شهدت تحسنًا ملحوظًا، وعلى الرغم أن الخلايا المزروعة لم تكن بديلا مثاليا، مع وجود بعض الدلالات البسيطة على وجود رفض من الجسم لها (rejection) مما تسبب في انتشار غير متكافئ للخلايا، إلا أنها كانت بحالة جيدة، كما أفاد كلا المريضين بتحسن قدرتهما على الرؤية، وهو الأمر المهم في الواقع.
وقال ووترز لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي): “إنه لأمر رائع ما فعله الفريق وأشعر بأنني محظوظة للغاية لاستعادة قدرتي على الإبصار”.
وقد حصل فريق البحث على إذن في هذه المرحلة من التجارب السريرية لاختبار النهج الجديد على ثمانية متلقين آخرين، وإذا استمر كل شيء على ما يرام، يمكن اتباع هذا الإجراء قريبا على نطاق أوسع.
ويأمل الباحثون الآن أن يتم توفير شكل من أشكال العلاج بأسعار مقبولة في غضون السنوات الخمس المقبلة، مما يفتح الطريق لأكثر من نصف مليون شخص في المملكة المتحدة وحدها وملايين آخرين في جميع أنحاء العالم لعلاج ضعف البصر المرتبط بالعمر.