تحديد سبب حدوث متلازمة الهزال العضلي في مرضى السرطان
تشير الإحصاءات الطبية إلى أن حوالي ثلث حالات الوفاة بالسرطان لا تحدث بسبب السرطان نفسه؛ بل بسبب متلازمة الهزال العضلي.
حيث تؤثر تلك المتلازمة _والتي تُسمى أيضاً (الدنف -Cachexia) على حوالي 80% من مرضى السرطان في مراحله المتقدمة.
كما تؤدي متلازمة الهزال العضلي إلى انخفاض استجابة المرضى للعلاج ضد السرطان؛ وأيضاً سوء نوعية الحياة والتعجيل بحدوث الوفاة.
وحتى الآن، لم يكن لدينا أي علاج فعال لمواجهة هذه المتلازمة؛ ولم نكن نعلم يقيناً ما هو السبب وراء حدوثها.
أما الآن: فقد أشارت دراسة جديدة من مركز إيرفينج الطبي بجامعة كولومبيا إلى أن زيادة مستويات الزنك في عضلات المريض قد يكون هو السبب!
دراسة متلازمة الهزال العضلي في الفئران
للدراسة، قام الباحثون بدراسة الفئران المصابة بـ “متلازمة الهزال العضلي” ومقارنتها بالعضلات الطبيعية لمعرفة ما إذا كانت هناك بعض الاختلافات.
وقد كشف التحليل عن وجود نشاط أكبر لبروتين يُدعى(ZIP14)؛ والذي يُعبر عنه عادة بشكل طبيعي في خلايا الكبد لتسهيل نقل وضخ الزنك. لكن مستوياته كانت غير طبيعية بداخل عضلات الفئران المصابة بالسرطان.
كما وجد الباحثون أيضاً مستويات عالية من (ZIP14) في عينات من الأنسجة العضلية لبعض مرضى السرطان المصابين بـ “متلازمة الهزال العضلي”، مما يشير إلى وجود صلة بين (ZIP14) وتلك المتلازمة.
وتوصل الباحثون إلى أن تزايد امتصاص الزنك في العضلات يؤدي إلى هزالها في حالات السرطان.
وكشفوا أن ذلك يحدث عن طريق تحطيم خلايا العضلات الناضجة ومنع الخلايا الجذعية من صنع ألياف عضلية جديدة.
- الغذاء والدواء توافق على اختبار جديد “خارق” لعلاج السرطان
- روبوتات مجهرية قد تحدث ثورة قريبا في مجال علاج الأورام
ويقوم بروتين (ZIP14) بضخ المزيد من الزنك إلى العضلات كإحدى الآثار الشاملة للسرطان.
حيث يعمل كلاً من عامل نخر الورم-ألفا (TNF-alpha) وعامل النمو المحول-بيتا(TGF-beta) المصاحبين للسرطان المتقدم على زيادة (ZIP14) في العضلات.
تقول الدكتورة أكاريا سوارنالي _الأستاذ المساعد في علم الأمراض وبيولوجيا الخلية بمعهد علم الوراثة والسرطان في كولومبيا: “نحن نعتقد في كثير من الأحيان أن السرطان يصيب الجسم عن طريق الانتشار في الجسم وغزو الأعضاء الحيوية”.
“لكن السرطان يمكنه أن يصيب أجسامنا بطريقة أخرى، وهي إطلاق مواد تؤثر على مناطق أخرى من الجسم خالية من السرطان”.
وتضيف:”غالبًا ما يتم التغاضي عن فحص المناطق التي تبدو ظاهرياً خالية من السرطان بدقة؛ ولكن معالجتها قد يكون له تأثير مهم على بقاء المريض ونوعية الحياة التي يعيشها”.
تأثير الزنك على العضلات
إن الزنك ضروري للحفاظ على العديد من الوظائف في أجسامنا، وغالبا ما يؤخذ كمكمل غذائي على حد تعبير أكاريا.
ولكن مكملات الزنك الزائدة قد لا تكون دائمًا شيئاً جيد.
فقد لاحظ الباحثون أن إعطاء الزنك الزائد إلى الفئران المصابة بالأورام يسرع من هزال العضلات وفقدان الوزن.
تقول أكاريا: “مع إجرائنا للمزيد من الدراسات، فقد يحتاج الأطباء والمرضى لإعادة النظر حول استخدام المكملات الغذائية المحتوية على الزنك؛ خاصة إذا كانت لديهم أورام مرتبطة بشكل شائع مع متلازمة هزال العضلات”.
ويمكن لهذه النتائج أن تمهد الطريق أمام تطوير الأدوية لعلاج أو منع متلازمة هزال العضلات في مرضى السرطان المتقدمين.
وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في دورية ناتشر للطب Nature Medicine.
وتحدث متلازمة الهزال العضلي في أنواع كثيرة من السرطان، بما في ذلك سرطان البنكرياس والجهاز الهضمي، وسرطانات الرئة والرأس والعنق.
إلا أن الدراسات حول تلك الحالة لم تكن كافية لفهم الكثير عنها؛ ويرجع ذلك إلى التمويل المحدود للأبحاث.
إضافة لصعوبة تطوير نماذج حيوانية تتطابق بدقة مع حالات السرطان في الإنسان، وأيضاً نقص المؤشرات الحيوية الموثوقة لتشخيص ومراقبة تطور متلازمة هزال العضلات أثناء علاج السرطان.
تقول أكاريا: “هناك فكرة خاطئة شائعة بأن متلازمة الهزال العضلي مجرد مشكلة غذائية تسببها فقدان الشهية نتيجة السرطان أو علاجاته”.
وتُضيف: “عادةً ما يُعطى المرضى الذين يعانون من تلك المتلازمة منشطات للشهية، ولكن هذه العلاجات قد تساعد فقط بشكل مؤقت أو قد لا تتمكن من المساعدة على الإطلاق”
وغالبًا ما يصبح المرضى ضعيفين للغاية بحيث لا يتحملون الجرعات العالية من العلاجات المضادة للسرطان، ولذلك فقد يتعين على الأطباء إعادة تقدير الجرعات المناسبة لهم.
كما يمكن أن تشمل تلك المتلازمة عضلات التنفس والقلب، مما يؤدي إلى موت العديد من المرضى بسبب قصور القلب والتنفس.
اقرأ أيضًا: “الفياجرا” قد تنافس قريباً أدوية علاج السرطان!