المشاعر السلبية والصحة النفسية
هل تشعر بالغضب أو الخوف أو القلق؟
في هذا المقال ستتعرف على العلاقة بين المشاعر السلبية والصحة النفسية
كان الحماس يخرج من الصغير بعينيه الصغيرتين عندما رأى لهب الشمعة يلوح يميناً ويساراً ويتمايل مع نسيم الهواء،
فزحف متجهاً لكي يلعب مع هذا الضوء الصغير ليتحسَّس ملمسه ولونه الخافت.
فإذا به يصرخ باكياً من حرارة اللهب متقهقراً ليستنجد بوالدته.
لكن هل تعتقد بأن هذا الطفل سيعاود تكرار هذا الفعل مرة أخرى؟
بالطبع لا، لن يُقبل على الإمساك باللهب مرة أخرى.
لماذا أيضا؟
لماذا يتعلم الإنسان أو حتى الطفل من خفقانه وشعوره بالألم من شيء ما؟
هل من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالألم أو الفشل حتى يدرك شعور السعادة والنجاح؟
بالطبع نعم، تعايش الإنسان في فترات من القلق أو التوتر أو الفشل تجعله مقدراً لإحساس الشعور بالهدوء والنجاح.
المشاعر السلبية والصحة النفسية
توصل الأطباء النفسيين من خلال دراساتهم على حالات الملايين من البشر، أن هدف العلاج النفسي هو اعتراف المريض بكل المشاعر السلبية التي تجتاحه من غضب أو حزن أو نقد أو أي مشاعر سلبية أخرى.
فهذه المشاعر السلبية تعد أول طريق العلاج النفسي والتي تبدأ من رغبة الشخص الداخلية،
فنرى كثيراً من طالبي المساعدة النفسية هم أول من يشعرون بالخجل من هذه المشاعر ولديهم الرغبة في كبحها والمضي قدماً والتغلب عليها.
إن الغضب والقلق كلاهما جزء من دائرة الحياة، فهي أساس العلاقات البشرية والنفسية والتي لا نستطيع إنكارها.
فلا يوجد شخص على هذه الأرض إلا وقد مر بكل المشاعر السلبية والإيجابية أيضا، وقد يكون تجاهل المشاعر السلبية أكثر ضرراً على الإنسان من الاعتراف بها،
لذلك ترى الطبيب أو المعالج النفسي يستمع لمرضاه بكل مشاعرهم السلبية حتى يُدرك المريض أن أساس المشكلات تنتج عن إيمانه بضرورة الإحساس بالسعادة دائما.
لا شك أن المشاعر الإيجابية بالطبع مفيدة للصحة النفسية،
ولكن ارتباط المشاعر السلبية والصحة النفسية مهم جداً لحماية الشخص من معتقدات الحياة الوردية التي تختلف كليا عن طبيعة الحياة الفوضوية.
فقد يعيش المرء بعيدا عن الحياة الواقعية بما تحمله من صعوبات وتحديات وخبرة، تجعلهم في حالة من اللامبالاة وسوء التقدير.
فالمشاعر السلبية ضرورية للشعور بصعوبات الحياة واختلاف الأشخاص والخبرات، والشعور بالغضب والقلق، هو من أكثر الأسباب التي تدفع المرء للتقدم والتحدي وإثبات الذات.
كيف تؤثر المشاعر السلبية على الصحة النفسية
في دراسة عن المشاعر السلبية والصحة النفسية، أجريت في جامعة نيويورك لدراسة بعض الحالات النفسية على عدد من البشر،
طلب منهم الطبيب المختص أن يقوم كل فرد منهم بكتابة مشاعره وما مر به في حياته الشخصية والعاطفية على حد سواء.
وذكر الطبيب في تقريره الاستنتاجي للحالات، أن كل الأفراد الذين اتجهوا للمساعدة النفسية كانت لديهم مشاعر مختلطة.
كتب أحدهم:
“أنا أعاني من الإحباط، لكن ما زلت فخورا بنفسي نوعا ما لأنني ناجح بعملي”
لم تكن هذه جملة أو اعتراف من شخص يبحث عن المساعدة النفسية قط؛
بالقدر الذي بدت فيها أنها رسالة تشجيع ذاتية من شخص لديه بعض الإحباط ولكنه يطمئن نفسه أنه مازال قويا يفتخر بنجاحه في عمله.
لذلك، كان اقتران المشاعر السلبية والصحة النفسية مهما للإنسان حتى يشعر ويقر بأن هناك خللا أو مشكلة ما، مما تدفعه للقيام بحلها وإيجاد الأفكار وإطلاق الإبداع والابتكار.
لم تكتف الدراسات بهذه النتيجة فقط، بل وأظهرت النتائج أن تجاهل المشاعر السلبية قد تجعل الشخص يتجه إلى سلوكيات أخرى ضارة مثل الشراهة في الطعام أو منعه نهائيا.
كيف نوازن بين المشاعر السلبية والإيجابية؟
وجد العلماء وأطباء علم النفس بأن المشاعر السلبية مثل الغضب والقلق، هي مشاعر دائمة لن يستطيع الإنسان تجاوزها.
وكانت المقارنة بين المشاعر السلبية والصحة النفسية،
في المجمل ما هي إلا استنتاج لضرورة المشاعر الإيجابية وبعض من المشاعر السلبية للتعايش في خضم الحياة.
وأصبح العلاج النفسي يتمحور حول تدريب المريض النفسي كيف يتعود على هذه المشاعر الطبيعية والإخفاقات الحياتية، والتدريب الذهني بالتعايش مع هذه المشاعر ومعرفة طرق السيطرة عليها بدلا من تجاهلها.
كانت جملة واجه خوفك (Face your fears)؛
هي الحل الأمثل الصحي لبناء شخص قوي ومستقر على المستوى النفسي.
في هذه الحياة يعيش المليارات من البشر، ومن المستحيل أن يتجنب الفرد الإحساس بالمشاعر السلبية أو حتى الإيجابية.
الواقع هو عالم مليء بالصراعات والتحديات، لن يستمر به سوى القوي والناجح؛ ولن يكون هناك خيار لأي إنسان سوى أن يصبح ضعيفا أو قويا.
فماذا عنك أيها القارئ؟ ماذا تحب أن تكون؟
دمتم أقوياء.
المصادر
https://www.healthline.com/mental-health