الكشف عن علاج جديد لمشاكل هشاشة العظام

كشف الباحثون عن سبب جديد لهشاشة العظام يكمن في نوع معين من الخلايا يسمى (الخلايا المتشيخة)، حيث وجدوا أنه من خلال استهداف هذه الخلايا عن طريق الأدوية المضادة للشيخوخة، فإن النتائج يمكنها أن تؤثر بشكل كبير في علاج فقدان الكتلة العظمية المرتبط بالعمر.

الكشف عن علاج جديد لمشاكل هشاشة العظام

وتقول المؤسسة الوطنية الأمريكية لأمراض هشاشة العظام أن هناك 10 ملايين شخص في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من هشاشة العظام، وهي حالة تصبح فيها العظام هشة و سهلة الكسر. ويعتقد أن  هناك 44 مليون شخص أمريكي آخر يعانون من كثافة عظمية منخفضة عن المعدلات الطبيعية. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يحذر من أن حوالي نصف سكان البلاد البالغين من العمر 50 عاما أو أكثر، معرضون بشكل كبير لخطر كسر العظام، وينبغي عليهم الحرص بشأن صحة عظامهم.

وقد كشف باحثون من مايو كلينيك عن سبب جديد لهشاشة العظام في الفئران، بقيادة الباحث الأول في تلك الدراسة جوشوا فار -الباحث بمركز أرلين كوجود للشيخوخة وقسم الغدد الصماء في مايو كلينيك- .وقد نشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Medicine .

وقد أجريت هذه الدراسة على خلايا تسمى بالخلايا المتشيخة-senescent cells، و هي تلك التي تشارك في عملية الشيخوخة العادية و أيضا في الأمراض المتعلقة بالشيخوخة.

ولتحقيق الدراسة، استخدم فار وزملاؤه عدة نماذج من الفئران والتي كانت تعاني من فقدان في كتلة العظام، وكانت تتراوح أعمارهم بين 20 و 22 شهرا – أي ما يعادل أكثر من 70 سنة في الإنسان. و قد استهدف الباحثون هذه الخلايا بطرق متنوعة، حيث أوقفوا عمل الجينات بداخلها ثم قاموا باستئصالها باستخدام عقاقير تعمل على تحللها، وبالتالي القضاء على تلك الخلايا المتشيخة.

وأخيرا، فقد قاموا باستخدام دواء يثبط عمل انزيم يسمى ب ( إنزيم چانوس كاينيز-Janus kinase )، و ذلك لأن الخلايا المتشيخة تستخدم هذا الإنزيم في إنتاج مادة معينة تتسبب في حدوث الالتهابات.

ويوضح الدكتور سنديب خوسلا -مدير برنامج الشيخوخة والعظام في مركز روبرت ومركز أرلين كوغود للشيخوخة في مايو كلينيك- نتائج الدراسة قائلا: “كانت آثار استخدام كل من هذه الطرق الثلاثة على الشيخوخة متماثلة بشكل مذهل، حيث قد عززوا جميعا من الكتلة العظمية ومن قوة العظام، ليس فقط عن طريق الحد من تآكلها، و لكن أيضا الحفاظ على العظام و زيادة تكوينها، و هذا هو الأمر الذي يختلف جوهريا عن جميع العقاقير المستخدمة حاليا لعلاج هشاشة العظام.”

وقد تم اختبار بعض هذه الطرق أيضا في الفئران الشابة في عمر 12 شهر تقريبا، وقد وجدنا أن قتل الخلايا المتشيخة أو تثبيطها باستخدام العقاقير لم يكن له أي تأثير مفيد على العظام، مما يزيد من صحة فرضية ارتباط تلك الخلايا المتشيخة بهشاشة العظام المرتبطة بالعمر.

وقد صرح الباحث المشارك البروفيسور جيمس كيركلاند: “إنه على الرغم من تعرض الفئران للعقاقير المستهدفة للخلايا المتشيخة لبضع ساعات فقط، إلا أن القضاء على تلك الخلايا كان فعالا و له تأثير طويل الأمد”.

و يضيف: “هذا هو جزء آخر من الأدلة المتزايدة على أن تلك الأدوية و العقاقير تستهدف عمليات الشيخوخة الأساسية ويمكن أن يكون لها تطبيق واسع النطاق في علاج أمراض مزمنة متعددة”.

كما يؤكد الباحثون أن جرعة شهرية واحدة من تلك الأدوية كافية جدا لتحقيق النفع المطلوب، مقارنة مع أدوية هشاشة العظام المتاحة حاليا، والتي يجب أخذها يوميا ويمكن أن يكون لها آثار جانبية خطيرة، وكانت الأدوية المستخدمة في التجربة داساتينيب(dasatinib) و كيرسيتين(quercetin).

و يتمثل ضرر الدواء الحالي لهشاشة العظام أيضا في أن له تأثير سلبي كبير على حدوث عملية الارتشاف العظمي(bone resorption) بصورة طبيعية حيث أنه يثبطها، وذلك يقلل بشكل كبير من تكوين العظام. و الارتشاف العظمي هو العملية التي يتم فيها إزالة العظام القديمة بشكل طبيعي طوال عمر الانسان لكي تحل محلها عظاما جديدة.

إن الأدوية المستهدفة للخلايا المتشخية والتي تم استخدامها بشكل متقطع في هذه الدراسة قد خفضت من معدل حدوث الارتشاف العظمي، ولكنها في الوقت ذاته حافظت على تكوين العظام أو عززته في بعض الأحيان.

يقول الدكتور خوسلا: “إن الجديد في هذا البحث في مجال العظام تكمن في حقيقة أنه بدلا من استهداف مسار محدد لحدوث هشاشة العظام -كما هو الحال بالنسبة لجميع العلاجات المتوافرة حاليا- قد استهدفنا عملية الشيخوخة الأساسية، وذلك ليس لديه القدرة فقط على تحسين كتلة العظام، ولكن أيضا يمكنه تخفيف الظروف الأخرى المرتبطة بتقدم العمر بشكل عام “.

و يضيف خوسلا: “نحن بحاجة إلى الاستمرار في متابعة هذه التدخلات المحتملة التي تستهدف آليات الشيخوخة الأساسية، كما نأمل أن نجد وسيلة في نهاية المطاف للحد من عبء الكسور الناتجة عن هشاشة العظام، و أيضا للحد من أضرار الشيخوخة الأخرى، مثل ضعف القلب والأوعية الدموية، و داء السكري، والضعف العام ” .

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى