السكتة الدماغية Brain Stroke
سنتعرف في هذا الموضوع على اسباب السكتة الدماغية وكيفية علاجها.
– المرض: السكتة الدماغية – الجلطة الدماغية Brain Stroke – brain attack – cerebrovascular stroke.
– التعريف بالمرض Definition: السكتة الدماغية هي أذية حادة لنسيج الدماغ تؤدي إلى موت جزء منه نتيجة انقطاع وصول الدم لذلك الجزء مما ينتج عنه خلل (نقص) في الوظائف العصبية للدماغ ويستمر ذلك الخلل لأكثر من24 ساعة, وتعتبر السبب الخامس للموت في الولايات المتحدة الأمريكية.
جزء من النسيج الدماغي المحتشي (الميت)
– أسباب المرض Etiology: تنقسم إلى فرعين أساسين يشكلان في الوقت عينه نوعي السكتة وهما:
- السكتة الإقفارية (ذات نقص التروية – الاحتشائية) Ischemic Stroke: تشكل 85% من حالات السكتة الدماغية وتحدث نتيجة انسداد وعاء دموي مميا يؤدي الى موت جزءٍ من نسيج الدماغ نتيجة انقطاع وصول الدم له
- السكتة النزفية Hemorrhagic Stroke: تشكل 15% من حالات السكتة الدماغية، تحدث نتيجة نزيف مما يؤديي الى تجمع الدم خارج الاوعية الدموية على شكل كتلةٍ دمويةٍ مما يؤدي الى انقطاع وصول الدم لجزء من الدماغ.
1- السكتة الإقفارية (ذات نقص التروية – الاحتشائية) Ischemic Stroke: يمكن إرجاع سبب انسداد الوعاء الدموي إلى سببين رئيسيين هما:
- التخثر Thrombosis: اسبابه:
- التصلب العصيدي Atherosclerosis: التخثر ينتج ببشكل اساسي عن التصلب العصيدي لأحد الشرايين المغذية للدماغ والذي يحدث نتيجة الترسب غير الطبيعي للكوليسترول في الطبقة الداخلية للشرايين, ويؤدي التصلب العصيدي إلى تضيق الشريان مما يستتبع بالضرورة إعاقة الجريان الدموي وتكون التخثر والذي قد ينتهي بانسدادٍ كاملٍ للشريان.
- أمراض الأوعية الدموية: كالتصلب العصيدي والتهاب الأوعية Vasculitis وهناك أسباب أخرى أقل شيوعاُ تخص الأوعية الدموية منها Takayasu وMoya Moya وهي أمراض التهابية تخص الشرايين تصيب اليابانيين وبالتحديد النساء.
- الأمراض التي تزيد لزوجة الدم مثل: كثرة الحمر Polycythemia التي تتمثل بازدياد الكريات الحمر، وكثرة البيض Leukemia وكثرة الصفيحات Thrombocytosis.
- أمراض الدوران التي تؤدي إلى انخفاض سرعة جريان الدم مما يؤهب تخثره، مثل الفشل القلبي Heart failure وانخفاض ضغط الدم الجهازي Systemic Hypotension.
- الانصمام Embolism: اسبابه:
- انسداد الشريان بالصمة (السدة) Embolism والتي يمكن أن تكون أي كتلةٍ قادرةٍ على سده-أي سد الشريان-سواءً كانت فقاعة هواء أو خثرةً دمويةً أو كتلةً دهنية, التخثر يسد الشريان الذي يترسب في جداره الداخلي، أما الصمة فهي كتلة تأتي من مكان آخر في الجسم لتسد الشريان.
- الصمة القادمة من القلب والناتجة عن أمراض قلبية كما في: الرجفان الأذيني Atrial fibrillation, التهاب شغاف القلب البكتيري تحت الحاد Subacute Bacterial Endocarditis., الخثرة الجدارية الناتجة عن احتشاء العضلة القلبية Myocardial Infarction، فنتيجة الاحتشاء لن يعمل القلب بشكلٍ جيد مما يؤدي إلى تباطؤ الجريان الدموي وبالتالي قد يحدث تشكل للخثرات التي يمكن أن تتوجه إلى أحد الشرايين المروية للدماغ وتسده.
- الصمة القادمة من الشرايين: حيث يمكن لإحدى العصيدات Atherosclerotic Plaque أن تنفصل أو ينفصل جزءٌ منها ويتجه إلى شريان دماغي صغير ويسده (خاصةً تلك القادمة من الشريان السباتي Carotid artery).
- الصمة القادمة من الأوردة: حيث قد يؤدي المرض المعروف بالخثار الوريدي العميق Deep Venous Thrombosis بانتقال خثرة من الوريد إلى القلب ومن ثم –وعبر فتحة غير طبيعية بين الأذينين أو البطينين في القلب) الانتقال من القلب الأيمن إلى القلب الأيسر ومنه إلى الشريان الأورطي ومنه إلى باقي أجزاء الجسم –وفي هذا الصدد نتحدث عن الدماغ-حيث تسد شريان مغذي للدماغ ، وتُسمى هذه الخثرة بالتناقضية paradoxical وذلك لأنها تشكلت في الوريد وسدت الشريان.
2– السكتة النزفية Hemorrhagic Stroke: أسباب السكتة النزفية:
- النزيف داخل الدماغ intracerebral hemorrhage: ويسبب 97% من السكتة النزفية وهو نزيف في مادة الدماغ والذي قد يضغط على مراكز حيوية كمراكز التنفس وتنظيم نبضات القلب. أشيع الشرايين التي تسبب النزيف هو أحد فروع الشريان الدماغي الأوسط middle cerebral artery المسمى بالـ Lenticulo-straite.
- النزيف تحت العنكبوتي Subarachnoid hemorrhage: ويسبب 13% من السكتة النزفية
أسباب النزيف داخل الجمجمة (داخل القحف):
- ارتفاع ضغط الدم: وهو السبب الرئيسي للنزيف داخل الدماغ intracerebral hemorrhage.
- تمزق أم الدم (تمدد الأوعية الدموية أو أنيوريسم) Aneurysm داخل الدماغ: وهو السبب الرئيسي للنزيف تحت العنكبوتي Subarachnoid hemorrhage.
- صدمة يتلقاها الرأس
- أمراض الدم النزفية مثل الفرفرية purpura (نقص الصفيحات) والناعور Hemophilia (نقص في عوامل التخثر).
- الأدوية المضادة للتخثر
– عوامل الخطر المؤدية للسكتة الدماغية Risk Factors: يُقصد بها ما يزيد فرصة الإصابة بمرض ما، وتُقسم بدورها إلى عوامل قابلة للتعديل –أي يمكن للمريض التخلص منها أو تقليلها-كالتدخين، وعوامل غير قابلة للتعديل كالعوامل الوراثية والعمر.
- العوامل غير القابلة للتعديل Non-modified factors:
- العمر (كلما ازداد العمر ازدادت فرصة الإصابة)
- الجنس (الرجال معرضون أكثر من النساء)
- شخصية المريض (المريض العصبي)
- عوامل وراثية.
- العوامل القابلة للتعديل Modified factors وتُقسم إلى:
- عوامل عالية الخطورة:
- أمراض القلب خاصة امراض الصمامات ومرض الرفرفة الأذينية
- ارتفاع الدهون
- ارتفاع الضغط
- الداء السكري
- التدخين
- عوامل منخفضة الخطورة:
- السمنة
- الوجبات الغذائية الغير صحية
- نمط الحياة الذي لا يحوي التمارين الرياضية
- الإسراف في الكحول
- العصبية
- ارتفاع تركيز اليوريا في الدم
- ارتفاع تركيز الهوموسيستين في الدم Homocysteinemia والهوموسيستين هو أحد مستقلبات الحمض الأميني الأساسي السيستين cysteine.
- عوامل عالية الخطورة:
– الصورة السريرية (الإكلينيكية):
إن انقطاع وصول الدم الى منطقة معينة من الدماغ سيؤدي إلى موتٍ هذه المنطقة، وبالتالي اضطراباتٍ تخص الوظائف التي تشرف عليها هذه المنطقة، فإذا كانت مسؤولةً عن الرؤية تضطرب الرؤية وهكذا، ومن أهم المظاهر المرضية (وقد يوجد بالمريض بعض هذه الاعراض او جميعها):
- الشلل النصفي Hemiplegia: وهو عدم القدرة على تحريك جانب من الجسم (الزراع والرجل على نفس الجانب), وقد تكون الاعراض اقل حدة مثل ضعف في حركة جانب من الجسم.
- الخدر النصفي Hemianesthesia: وهو عدم الاحساس بجانب من الجسم, او الاحساس بتنميل فيه.
- مشاكل في الكلام: مثل فقدان القدرة على الكلام (الحبسة) Aphasia التي تتمثل في اضطراب في فهم أو إنتاج الكلام. أوعسر التلفظ (الرثة) Dysarthria وهي صعوبة في الكلام.
- نقص في درجة الوعي.
- مشاكل في الرؤية: خاصة نقص في مجال (مساحة) الرؤية.
- الرنح (فقد إنتظام الحركة) Ataxia: وهي اضطراب في تناسق الحركات والتوازن.
- شلل أعصاب الرأس cranial nerves paralysis: قد يظهر على هيئة اعوجاج في نصف الوجه.
– الفحوصات Investigations: هناك مجموعة من الفحوصات التي يمكن إجراؤها لكشف وتقييم وضع السكتة الدماغية سواءً تلك المخبرية المعتمدة على التحاليل الدموية والمصلية وباقي سوائل الجسم، أو الصور الشعاعية بأنواعها المختلفة، وغيرها. لكن أهمها:
- أولاً: تصوير الدماغ Brain Imaging: يكشف عن وجود السكتة الدماغية وحجمها
- الأشعة المقطعية CT:
- تصوير الدماغ عند الشك بالسكتة الإقفارية: يعيب هذه الطريقة عدم قدرتها على كشف الإصابة إذا كانت صغيرة، وربما لا تستطيع كشف الإصابة إلا بعد 24 ساعة.
- تصوير الدماغ عند الشك بالسكتة النزفية: تكشف هذه الطريقة الإصابة فور حدوثها مهما صغير حجمها، ومنه، فإن الأشعة المقطعية هي الخيار الأمثل لتحري السكتة النزفية وأستبعدها.
- أشعة الرنين المغناطيسي MRI: توفر هذه الطريقة صور أعلى دقةً وأكثر نوعيةً للدماغ، لكن عيبها قد يكون التكلفة العالية.
- الأشعة المقطعية CT:
- ثانياً: التحاليل المخبرية: تكشف عن سبب السكتة الدماغية
- صورة دم كاملة Complete Blood Count CBC وهو تعداد لكريات الدم الحمراء والبيضاء والهيماتوكريت وللصفيحات الدموية وبعض العوامل الأخرى
- تحاليل تكشف القابلية للنزف وسرعته: زمن الثرمبوبلاستين الجزئي المُنَشَّط activated Partial Thromboplastin Time aPTT وزمن البروثرومبين Prothrombin time PT.
- ثالثاً: تصوير باقي أجهزة الجسم: يكشف عن سبب السكتة الدماغية
- تصوير القلب: صورة X-Ray للصدر والبطن، تخطيط للنشاط الكهربائي للقلب ECG، تصوير بالأمواج فوق الصوتية للقلب Echocardiography.
- تصوير للأوعية الدموية: دوبلر Doppler Ultrasound.
– العلاج Treatment:
إن الخطة العلاجية تشمل ثلاث نقاطٍ في الواقع، أولها يخص معالجة الأعراض، أي تهدف إلى تخفيف الأعراض الناتجة عن المرض، أما الثانية فنوعية، وهي الأكثر أهمية، وتُعنى بعلاج السبب المرض، أي تختص بإيقاف النزيف او الانسداد المسبب للاحتشاء، وأخيراً، فإن المرضى المشلولين أو المغمى عليهم يحتاجون إلى نوعٍ خاصٍ من العلاج والاهتمام.
- علاج محدد حسب السبب Specific Treatment:
- كلا نوعي السكتة (الاقفارية والنزفية):
- ضغط الدم المرتفع: في كلا نوعي السكتة (الاقفارية والنزفية) يجب معالجة ضغط الدم المرتفع ولكن يجب عدم خفضه جدا في اول 24 ساعة بحيث لا ينخفض عن 180 في حالة السكتة الافقارية وعن 160 في حالة السكتة النزفية لأن هذا الضغط يحافظ على وصول الدم للدماغ في اول 24 ساعة ثم يتم خفض الضغط للمعدلات الطبيعية.
- فيتامين ب 12: هو ذو أهمية للعمل الطبيعي للدماغ والجهاز العصبي خاصة في كبار السن
- يجب المحافظة على كمية السوائل في الجسم وأكسجين وسكر الدم وحرارة الجسم في حدود المستويات الطبيعية
- علاج السكتة الإقفارية Ischemic Stroke:
- الأدوية المذيبة للجلطة (الحالة للخثرة) Thrombolytic therapy: يتم اعطاءه ان لم يمر على بداية السكتة الدماغية اكثر من 3 : 4.5 ساعات.
- مضادات التصاق الصفيحات الدموية: الاسبرين Aspirin يمجرد اجراء الاشعة المقطعية على المخ واستبعاد وجود السكتة النزفية يعطى المريض الاسبرين بجرعة أولية 300 مجم ثم بجرعة 75 : 150 مجم يومياً.
- مضادات التخثر: لا تُعطى لكل المرضى.
- إعطاء أدوية أخرى تزيد تدفق الدم نحو الدماغ مثل Trental الذي يثبط أنزيم الـ phosphodiesterase مما يزيد الـ cAMP في غشاء الخلية الحمراء وبالتالي يجعلها أكثر مرونةً.
- علاج أسباب الصمة embolism (أو على الأقل تدبيره والسيطرة عليه)، كحال الرجفان الإذيني AF.
- علاج السكتة النزفية Hemorrhagic Stroke:
- أدوية مضادة للنزف : مثل الكابرون والدايسنون والكابرون
- الجراحة في بعض الحالات، لإزالة كتلة الدم المتجمعة مكان النزف ,ووقف النزف.
- كلا نوعي السكتة (الاقفارية والنزفية):
- العناية العامة بالمرضى المصابين بالشلل والمغمى عليهم General Care:
- رعاية الجلد: تقليبهم باستمرار لحماية الجلد من التقرح
- التغذية: تأمين التغذية لهم عن طريق المحلول السكري الذي يوصل إلى الوريد أو عن طريق تنبيبهم بالرايل فموياً, المحافظة على توازن الأملاح والسوائل في الجسم.
- الأخراج: تركيب القسطرة البولية لتفريغ البول من المثانة باستمرار.
- التنفس: تأمين مجرى الهواء للتنفس وشفط المفرزات الفموية لتجنب استنشاقها ودخولها إلى الطريق التنفسي.
- العلاج العرضي Symptomatic:
- تورم الدماغ brain edema: قد يحدث في بعض الحالات وفي تلك الحالة يتم إعطاء مضادات التورم (الوذمة) الدماغي مثل المنيتول او الكورتيزون لعلاجه في بعض الحالات ان لم يوجد تعارض لذلك العلاج.
- مضادات الحموضة: فالتوتر والصدمة التالي للإصابة يؤدي إلى ارتكاس التهابي في الجسم يتمثل بتصنيع البروستاغلاندينات prostaglandin التي تقلل الجريان الدموي إلى المعدة وتزيد الإفرازات الحمضية مما يؤهب لألتهاب بطانة المعدة والذي قد يترقى إلى قرحة معدية.
- العلاج الطبيعي: بعد استقرار حالة المريض الصحية يمكن توجيهه إلى العلاج الفيزيائي فصلاً عن إعطاء الفيتامينات.
توعية المريض:
الوقاية خير من العلاج، والتوعية خير من الوقاية، يمكن للتوعية أن تشمل أي شخص وأن تتوجه لمن يملك عوامل مؤهبة. يمكن تذكر مظاهر السكتة عن طريق كلمةٍ بسيطةٍ هي FAST حيث يشير كل حرفٍ فيها إلى أمرٍ يجب الانتباه إليه وهي كالآتي:
- F تشير إلى Face أي الوجه، فعند حدوث السكتة يُرجح حدوث شللٍ نصفي لعضلات الوجه مما يؤدي إلى تدلي نصفه نحو الأسفل كما هو واضحٌ في الصورة؛ وعندما يرى شخصٌ ما ذلك فقد يقدّر إصابته –أو إصابة شخصٍ تنطبق عليه هذه الأوصاف- بالسكتة الدماغية.
- A تشير إلى Arm أي يد، فالسكتة قد تؤدي إلى شللٍ نصفي في عضلات يد فتضعف قدرتها على الإمساك بكأس الشاي الذي تحمله أو حتى تُسقطه-على سبيل المثال.
- S تقابل Speech، فالسكتة قد تضر بمراكز الكلام مما يجعله غير مفهوم.
- T تقول Time أي الوقت، وعندها يجب الاتصال بالطوارئ!
– الـ TIA أو Trasient Ischemic Attack أو السكتة الاحتشائية العابرة: تستمر أعراضها من دقائق إلى 24 ساعة، يعود المريض بعدها إلى وضعه الطبيعي، لكن، هذا لا يعني أنه “طبيعيٌّ تماماً” فقد يؤدي السبب الذي قاد إلى هذه الحالة العابرة إلى إحداثها مجدداً، بل وربما بشكلٍ أشد؛ ولتجنب ذلك، في بعض المرضى الذين لديهم قابلية عالية لحدوث السكتة الدماغية يتم اعطائهم الاسبرين كوقاية ويمكن اعطاء الديبيريدامول Dipyridamole كذلك.
صورة بسيطة توضح كيفية تذكر علامات السكتة الدماغية
إعداد: دكتور محمد عبد الرحمن الرفاعي Mohummed A. AL Refai
مراجعة: دكتور علي يوسف
11/15/16
المصادر:
1- Up to Date, 2013, Etiology and classification of stroke
2- Up to Date, 2013, Initial assessment and management of acute stroke
3- The Netter Collection of Medical Illustrations, F. H. Netter, second edition, Volume 7, part1, Elsevir, p199-246 .