اختبار جديد لمعرفة عمرك الحقيقي

هل عمرك البيولوجي مساوٍ لعمرك الزمني بالسنين والأيام؟ .. وإذا لم يكن كذلك كيف يمكننا حساب العمر البيولوجي؟

لعل الأمر أصبح بسيطا الآن، فقد توصل الباحثون إلى أن هناك مادة  تتواجد في البول _تشير إلى التلف التأكسدي الذي قد يلحق بالخلايا الحية_ ويكون مؤشرا على وصول الفرد إلى مرحلة الشيخوخة.

اختبار جديد لمعرفة عمرك الحقيقي

تلك الدراسة التي تم نشرها في مجلة Frontiers in Aging Neuroscience تقدم لنا وسيلة جديدة لقياس مدى تقدم الإنسان في العمر، وذلك عن طريق قياس مستوى هذه المادة في عينات البول الخاصة به.وليس ذلك فقط، فقد تساهم أيضاً في التنبؤ بمخاطر حدوث الأمراض المرتبطة بالعمر، وحتى خطر الوفاة.

إنه على الرغم من أن جميع الأشخاص الذين ولدوا في نفس العام يشتركون معاً في عمر زمني واحد، إلا أن أجسام هؤلاء الأشخاص لا تشترك معاً في نفس معدل حدوث الشيخوخة لها.

إن ذلك يعني أنه في حين أن خطر حدوث بعض الأمراض يزداد مع التقدم في السن، إلا أن العلاقة التي تربط ما بين أعمارنا بالسنوات والحالة الصحية لأجسادنا هي علاقة هشة وغير دقيقة، وخير دليل على ذلك أن هناك أشخاصاً يتقدمون في السن ومع ذلك يتمتعون بصحة جيدة ولا تصيبهم الأمراض، بينما يوجد أشخاص أخرون أصغر سناً ويعانون من الأمراض المزمنة والموت المبكر.

وحيث أن عمر الأشخاص بالسنوات لا يمكنه تقديم فكرة دقيقة حول الحالة الصحية للجسم، فقد تساءل العلماء طويلاً عما هو المؤشر الموثوق الذي يمكنهم أن يعرفوا منه هل وصل هذا الجسم لمرحلة الشيخوخة أم لا؟

إن بعض الباحثين يعتبرون أن عملية الشيخوخة الطبيعية هي مرض يصيب الإنسان مثل غيره من الأمراض، حيث تتراكم الخلايا التالفة بداخل أنسجتنا مع مرور الوقت، ويمكن أن يختلف معدل حدوث هذا التلف الخلوي من شخص لآخر، ويمكن أيضاً أن تتحكم فيه العوامل الوراثية ونمط الحياة والبيئة التي نعيش فيها.
إن هذا التلف الخلوي قد يكون هو المؤشر الأكثر دقة على عمرنا البيولوجي، بدلاً من عدد السنوات التي بقينا فيها على قيد الحياة (العمر الزمني).

إن إيجاد طريقة دقيقة لقياس العمر البيولوجي يمكن أن يساعدنا في التنبؤ بمخاطر تطور المرض المرتبط بالعمر أو حتى التنبؤ بحدوث الوفاة، كما يمكن أن يفيدنا أيضاً في معرفة فعالية الأدوية المستخدمة لإبطاء الشيخوخة.

إن إحدى الآليات التي يُعتقد أنها تكمن وراء الشيخوخة البيولوجية تنطوي على الدور الذي يلعبه جزيء الأكسجين، فيما يُسمى بنظرية الشقائق الحرة للشيخوخة (free radical theory of aging).

يقول جيان بينج كاي -الباحث المشارك في الدراسة-: “يمكن أن تؤدي النواتج الثانوية للأكسدة-والتي تنتج أثناء عملية التمثيل الغذائي العادي- إلى أكسدة الجزيئات الحيوية في الخلايا، مثل الحمض النووي والحمض النووي الريبوزومي، وبالتالي تلفها”.
ويضيف: “مع تقدمنا ​​في السن، نعاني من زيادة التلف الناتج عن الأكسدة، وبالتالي فإن العلامات المُميزة للتأكسد تزداد في الجسم”.

إن واحدة من هذه العلامات المُميزة للتأكسد هي مادة 8-أوكسوجسن (8-oxoGsn)، والتي تنتج من أكسدة أحد أكثر الجزيئات أهمية بداخل خلايانا، ألا وهو الحمض النووي الريبوزومي، حيث وجدت الدراسات السابقة التي تم إجراؤها على الحيوانات أن مستويات 8-أوكسوجسن تزداد في البول الخاص بها كلما تقدمت في السن.

ولمعرفة مدى صحة هذه النتائج بالنسبة للبشر، فقد قام الباحثون بقياس مستويات 8-أوكسوجسن في عينات بول تخص 1228 صينياً، تتراوح أعمارهم بين العامين والتسعين عاماً، وذلك باستخدام تقنية التحليل اللوني فائق الأداء للسوائل.

يقول تساي: “لقد وجدنا أن مستويات 8-أوكسوجسن كانت قد بدأت في الزيادة في عينات البول الخاصة بالمشاركين بدءاً من عمر 21 عاماً ومن هم أكبر منهم. إننا يمكننا أن نعتبر قياس مستوى 8-أوكسوجسن في البول علامة واعدة جديدة لقياس الشيخوخة”.

ومن المثير للاهتمام أن مستويات 8-أوكسوجسن قد تساوت تقريباً بين الرجال والنساء، إلا في النساء بعد انقطاع الطمث، حيث أظهرت العينات الخاصة بهم مستويات أعلى، وقد يكون السبب وراء ذلك هو انخفاض هرمون الأستروجين لدى تلك النساء، حيث من المعروف أن هذا الهرمون يمتلك خواصاً مضادة للأكسدة.

إن تقنية التحليل السريع التي اعتمد عليها الفريق البحثي قد تكون مفيدة في دراسات الشيخوخة على نطاق واسع، حيث يمكنها معالجة عينات البول الخاصة بعشرة مشاركين خلال ساعة واحدة فقط.

ويختم تساي بقوله: “يمكن لمستوى 8-أوكسوجسن في البول ​​أن يعكس الحالة الحقيقية لأجسادنا بشكل أفضل من عمرنا الزمني، ويمكنه أيضاً أن يساعدنا على التنبؤ بخطر الأمراض المرتبطة بالعمر”.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى