طريقة جديدة لإيقاف النزيف الداخلي باستخدام المجال المغناطيسي
في سابقة فريدة من نوعها في مجال الأبحاث الطبية…توصل العلماء من جامعة ITMO إلى ابتكار وسيلة جديدة وفعالة لوقف النزيف الداخلي عن طريق جسيمات نانوية بالغة الدقة مُحملة بالثرومبين، ويتم التحكم في حركتها باستخدام المجال المغناطيسي، ويمكن حقن تلك الجسيمات داخل مجرى الدم عن طريق الوريد، ثم يقوم الدم بحملها مباشرةً إلى موقع إصابة الوعاء الدموي المسئول عن حدوث النزيف.
ومن الجدير بالذكر أن تلك الجسيمات تستطيع تكوين الجلطة الموضعية بسرعة، وأن تحد من الفقدان العام للدم بمقدار 15 ضعفاً مقارنة بالوسائل التقليدية المُستخدمة في هذا الغرض.
إن هذه الجسيمات النانوية ليست سامة وآمنة الاستخدام بالنسبة للبشر، وقد تم نشر ذلك نتائج هذه الدراسة في مجلة التقارير العلمية (Scientific Reports).
ولعل بعضنا الآن يتساءل… ما هو النزيف الداخلي؟ وفيما تتمثل خطورته؟
النزيف الداخلي هو حالة طبية طارئة وخطيرة، قد تكون ناجمة عن العديد من الأسباب مثل الإصابات الرضية أو الأمراض المزمنة، وقد يحدث في أجزاء الجسم المختلفة بما في ذلك الدماغ أو المعدة،
ومع ذلك، فإن معظم الحالات التي يتم تشخيصها بالنزيف الداخلي تُنذر بالتشاؤم، حيث أنه عادة ما يسبب تجمعات دموية واختلالا وظيفيا في كامل الجسم، نتيجة فقدان كمية ضخمة من حجم الدم (فعلى سبيل المثال: يتسبب نزيف الجهاز الهضمي وحده في حدوث نحو 20000 حالة وفاة في الولايات المتحدة فقط).
إن الطريقة الوحيدة الممكنة لتجنب هذه المخاطر هي توفير العلاج الطبي السليم بشكل سريع، فعلى الرغم من أن هناك العديد من الأدوية التي يمكن أن توقف هذا الكم الكبير من فقدان الدم، إلا أنه لا يوجد من بينهم دواء واحد يستطيع وحده علاج الحالة بشكل كامل دون تدخل جراحي.
من أجل ذلك، فإن العلماء يعملون على تطوير العقاقير الأكثر فاعلية والتي يمكن استخدامها من خلال حقن بسيطة، في محاولة منهم لإيجاد وسيلة تُفيد في وقف النزيف.
إن الهدف الرئيسي الذي يسعى إليه العلماء في تطويرهم لتلك الأدوية هو ضرورة تكوين جلطة مؤقت لإيقاف النزيف بشكل موضعي في مكان الإصابة فقط، وألا تُحدِث جلطات متفرقة في نظام الأوعية الدموية بأكمله.
لكل هذه الأسباب، قام العلماء من جامعة ITMO باستخدام الجزيئات النانوية التي يُحركها المغناطيس من أجل حل هذه المشكلة، حيث تتكون الجسيمات من عنصرين رئيسيين:
- الأول هو (الثرومبين): وهو الإنزيم المسؤول عن تخثر الدم، والذي يتفاعل مع بروتين (الفيبرينوجين) لتكوين الجلطة الموضعية، ووقف فقدان الدم من الوعاء المصاب.
- أما العنصر الثاني: فهو وسط مسامي خاص مصنوعة من الماجنتيت، يقوم بالسيطرة على حركة الجسيمات النانوية بدقة داخل الجسم، وذلك باستخدام مجال مغناطيسي خارجي.
إن تلك الجسيمات المغناطيسية المُحملة بالثرومبين لها نشاط منخفض، ولا تسبب تخثر الدم إذا كانت موزعة بالتساوي بداخل الأوعية الدموية، ولذلك فإنه من الممكن استخدام المجال المغناطيسي لتوجيه الجسيمات التي تسبح في مجرى الدم نحو مكان إصابة الوعاء الدموي، وبالتالي وقف النزيف بشكل أسرع.
يقول أندريه دروزدوف -عضو مختبر SCAMT بجامعة ITMO-: “لقد اختبرنا كفاءة الجسيمات النانوية في عينات من بلازما الدم البشرية ونموذج خاص للأوعية الدموية، إنها تقلل من الوقت اللازم للتخثر بمقدار ست مرات ونصف، ويمكنها أن تقلل من فقدان الدم الكلي بخمسة عشر مرة”.
إن العلماء حالياً يخططون لاختبار الدواء على النماذج الحيوانية، وفي حالة نجاحه فسوف يبدأ العلماء بتطبيق التجارب السريرية على البشر. ويأمل الباحثون في إنشاء نظام خاص لحماية الدم من النزف اعتمادا على الجسيمات النانوية، والتي سوف تكون قادرة على وقف النزيف الداخلي بسرعة وكفاءة.