لماذا تلتئم جروح الفم أسرع من جروح الجلد الخارجية؟
في دراسة أجراها باحثون من جامعة تشيلي وجامعة بونتيفيسيا دي تشايل، لبحث تلك الحقيقة الغامضة بأن جروح الفم تشفي بشكل أسرع وأكثر كفاءة من الجروح في أماكن الجسم الأخرى. وحتى الآن، كان من المعروف أن اللعاب يلعب دورا في عملية التئام هذه الجروح، وذلك على الرغم من عدم معرفة ماهية هذا الدور تحديدا. وقد فحصت الدراسة آثار مادة توجد في اللعاب وهي جزيء ببتيد الهيستاتين –1 (histatin-1) على نمو الخلايا والأوعية الدموية (angiogenesis). وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة FASEB Journal.
وقد
أجرى الباحثون سلسلة من التجارب باستخدام جزيئات من الهستاتين –1 المصنع كيميائيا.
- أولا، قاموا بفحص ما إذا كان هذا الجزيء نشط بيولوجيا عن طريق مزجه مع الخلايا المصابة بفطر المبيضاتCandida yeast – (نوع من الفطريات التي يمكن أن تسبب التهابات الجروح) لمعرفة ما إذا كان الهستاتين -1 يبطأ من نمو الفطر من عدمه.
- وبعد ذلك، اختبروا الهستاتين -1 على خلايا الجلد التي تم زراعتها معمليا ثم جرحها لمعرفة مدى سرعة التئام الجرح في وجود هذا الجزيء. وشملت التجارب الأخرى على خلايا الجلد المزروعة معمليا تأثير الهستاتين – 1 على حركة الخلايا، وقدرتها على الانتشار والنمو.
- كما تم إجراء اختبار آخر على بيض الدجاج المخصب، حيث أن الغشاء المشيمي حول الجنين (chorioallantoic membrane) يجعل من السهل رؤية نمو الأوعية الدموية الجديدة. وقد أدخل الباحثون الهستاتين -1 إلى أجزاء من هذا الغشاء لمعرفة ما إذا كان يؤثر على نمو الأوعية الدموية الجديدة.
- وأخيرا، تم تكرار بعض التجارب مع اللعاب الطبيعي من المتبرعين، ومرة أخرى مع عينات اللعاب التي تم نزع الهستاتين -1 منها أو تخفيضه.
ووجد البحثون النتائج كالآتي:
- عمل الهستاتين -1 على إبطاء نمو بفطر المبيضات وهذا ما يؤكد أن هذا البروتين نشط بيولوجيا.
- زاد الهستاتين -1 من مساحة المنطقة الملتئمة من الجرح اعتمادا على نوع الخلية. وبالنسبة لخلايا الجلد الخارجي الأكثر شيوعا (الخلايا الكيراتينية)، زاد من مساحة المنطقة الملتئمة من 14.9٪ إلى 25.4٪، ومن 31.4٪ إلى 46.1٪ لخلايا الأوعية الدموية. كما وجد أنالهستاتين -1 لم يشجع نمو المزيد من الخلايا – ولكنه أثر فقط على الطريقة التي تتصرف بها هذه الخلايا.
- ووجدت التجارب التي أجريت باستخدام الغشاء المشيمي لبيض الدجاج أن الهستاتين -1 شجع على تشكيل الأوعية الدموية الجديدة، في تأثير مماثل لمواد أخرى معروفة للقيام بذلك.
- ووجدت تجربة أخرى أن استخدام اللعاب البشري من المتبرعين يشجع حركة الخلية، في حين أن اللعاب المنزوع منه جزيء الهستاتين -1 لم يفعل ذلك.
وتساعدنا هذه الدراسة المعقدة على فهم الآليات البيولوجية وراء سرعة التئام جروح الفم ودور اللعاب في تعزيز التئام الجروح. فضلا عن الحفاظ على رطوبة الفم والحد من مستويات البكتيريا الضارة، فإن اللعاب يحتوي على البروتين الذي يشجع حركة الخلايا بطرق تساعد الجروح على الشفاء.
ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تطوير علاجات جديدة لالتئام الجروح في المستقبل؛ وقبل أن يتم تطوير أي علاج جديد، هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات على الخلايا والحيوانات، تليها دراسات واسعة النطاق على البشر، لضمان أن أي علاج سيكون آمنا وفعالا، وهذا طريق طويل.
ولكن في المرة القادمة التي تؤذي فيها لسانك أو داخل فمك، فقط تخيل بروتينات لعابك وهي تعمل للمساعدة على شفاء الجرح في أسرع وقت ممكن.