علاج جيني جديد لعلاج مرض السكري من النوع الأول
أظهرت دراسة جديدة قام بها الباحثون في مجال مرض السُكري أن تطبيق تقنيات العلاج الجيني في الفئران المصابة بمرض السُكري من النوع الأول يمكنه أن يؤدي إلى إطالة عُمر الخلايا الوظيفية من النوع بيتا -وهي الخلايا المُنتجة للأنسولين داخل البنكرياس، كما استطاع أن يستعيد مستويات الجلوكوز الطبيعية في دماء تلك الفئران. وقد
تم نشر الدراسة بمجلة Stem Cell .
قام الباحثون باستخدام ناقلات فيروسية تستطيع اختراق الغدد بالجسم، و حَمّلوها بنوعين من البروتينات هما Pdx1 و MafA لكي تقوم بإدخالهما إلى خلايا ألفا المتواجدة بأعداد كبيرة بداخل البنكرياس. وقد وجد العلماء أن خلايا ألفا قد تحولت إلى خلايا بيتا المُنتجة للأنسولين بعد إدخال تلك البروتينات إليها.
يقول كبير الباحثين المشاركين في الدراسة جورج جيتس -من كلية الطب بجامعة بيتسبرغ-: "إن هذه الدراسة تُمثل ترجمةً للتدخل الأول و الوحيد الذي قمنا به في حالات السكري من النوع الأول، والذي مكننا من الحصول على مستويات جلوكوز طبيعية، و الأهم بين كل ذلك أنها لم تتطلب منا استخدام أي وسيلة تثبيط مناعي".
و يضيف جيتس: "هذا العلاج الجيني الجديد قد يُمثل الأمل لنا في إمكانية علاج مرض السكري بنوعيه الأول والثاني و عكس آثاره تماماً، وذلك بعد أن يتم تطبيقه سريرياً و تقييم نتائجه".
إن مرض السكري من النوع الأول هو خلل عضوي مزمن، يقوم فيه الجهاز المناعي بمهاجمة وتدمير خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم، وهناك ما يقرب من 9% من البالغين حول العالم يعانون من مرض السكري، وهو ما قد يتسبب في مشاكل صحية خطيرة مثل أمراض القلب، وتلف الأعصاب، ومشاكل العيون وأمراض الكلى.
إن أحد الأهداف الأساسية لعلاج مرض السكري هو الحفاظ على خلايا بيتا واستعادة وظيفتها، وبالتالي تجديد مستويات الأنسولين في الدم، حيث أنه هو الهرمون المسئول عن تحريك الجلوكوز من الدم إلى الخلايا المختلفة بالجسم لتغذيتها و إمدادها بالطاقة.
ولم يكن بوسع العلماء زرع خلايا من النوع بيتا في المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول، وذلك لأنه من المرجح أن يكون مصيرها الفشل، حيث قد تقع ضحية لنفس المناعة الذاتية التي دمرت الخلايا الأصلية،
ولذلك فإن الحل لهذه المشكلة هو إعادة برمجة بعض أنواع الخلايا الأخرى لكي تشبه خلايا بيتا الوظيفية و تتمكن من إنتاج الأنسولين مثلها، ولكنها متميزة عن خلايا بيتا الأصلية وبالتالي لا يتم التعرف عليها أو مهاجمتها بواسطة الجهاز المناعي.
لقد كان الهدف من استخدام ذلك النهج الجيني هو توليد خلايا تشبه خلايا بيتا وظيفياً من خلايا ألفا المتواجدة بوفرة بداخل البنكرياس، والتي قد تكون هي المصدر المثالي للحصول على خلايا بيتا، من حيث تشابههما و تواجدهما سوياً في نسيج البنكرياس، و كلها عوامل تساعد في عملية إعادة البرمجة.
ولقد تمكن هذا العلاج الجيني من استعادة مستويات السكر الطبيعية في دم الفئران المصابة بمرض السكري، ولمدة بلغت حوالي أربعة أشهر في المتوسط، كما أن الخلايا الجديدة المنتجة للأنسولين تم اشتقاقها بشكل كُلي من خلايا ألفا.
يقول جيتس: "يبدو أن العلاج الجيني الفيروسي يقوم بتوليد هذه الخلايا الجديدة المنتجة للأنسولين والمقاومة نسبياً لهجوم المناعة الذاتية، ويبدو أيضاً أن تلك المقاومة ترجع إلى حقيقة أن الخلايا الجديدة تختلف قليلا عن خلايا الأنسولين الطبيعية، ولكنه هذا الاختلاف لا يؤثر على فعاليتها في إنتاج الأنسولين".
إن العديد من سمات هذا النهج الجيني تيسر أمامنا إمكانية تطبيقه على البشر، كما أن الناقلات الفيروسية المُستخدمة به تخضع الآن للعديد من التجارب. و علاوة على ذلك فإن الناقلات الفيروسية الحاملة للبروتينات يمكن إدخالها إلى البنكرياس البشري عن طريق المنظار الغير جراحي بصورة روتينية، وتلك الإجراءات قد تسبب التهاب البنكرياس، ولكنها لا تستلزم تثبيط المناعة.
يقول جيتس: "إن الحماية من مرض السكري في الفئران لم تكن دائمة، فقد استمرت لمدة أربعة أشهر فقط، ولكن الأبحاث تشير إلى أن العمليات الحيوية في الفئران تكون متسارعة بشكل كبير عن معدلها في الإنسان، وهو ما يعني أن الأربعة أشهر قد تُترجم إلى عدة سنوات في البشر".
ويضيف: "سوف نبدأ العمل مع إدارة الغذاء والدواء للحصول على الموافقة على استخدام هذا العلاج الجيني الفيروسي في مرضى السكري، سواء من النوع الأول أو النوع الثاني".