دهون البطن تفرز مادة كيميائية جديدة تعزز من مقاومة الجسم للأنسولين

تمكن فريق دولي للأبحاث _بمشاركة المركز الألماني لدراسات السكري_ من تحديد نوع جديد من الأديبوكين (adipokine) المسئول عن تطوير مقاومة الأنسولين وحدوث الالتهابات على مستوى الجسم. حيث وجد الباحثون أنه في حالات السمنة الشديدة، يتم إفراز هذا الأديبوكين بواسطة الخلايا الشحمية المُكونة للنسيج الدهني في البطن، ومن ثم يتم إطلاقها في مجرى الدم.

دهون البطن تفرز مادة كيميائية جديدة تعزز من مقاومة الجسم للأنسولين

ويمكن أن تسهم هذه النتائج الجديدة _التي نشرت في مجلة (Diabetologia) الخاصة بالرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري_ في تطوير طرق بديلة لعلاج الأمراض التي تسببها السمنة.

تُعد السمنة والأمراض المتعلقة بها إحدى أكبر المشكلات التي تواجه الأفراد على مستوى العالم؛ حيث يموت أكثر من 2.8 مليون شخص سنوياً بسبب السمنة، كما أنها تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأنواع محددة من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد أكدت النتائج العلمية في السنوات الأخيرة أن الأخطار التي تحملها السمنة تتزايد بشكل مستمر.

ويرجع السبب وراء تلك المشكلات المرتبطة بالسمنة إلى حدوث الاستجابات الالتهابية بشكل مزمن؛ ومع ذلك فإن الآلية الدقيقة التي تحدث بها تلك الالتهابات لا تزال غير معروفة إلى حد كبير، وقد كانت هذه هي نقطة البداية التي اتخذها الفريق الدولي للعلماء من أجل القيام بالدراسة الحالية، بقيادة الدكتورة ناتاليا رودوفيتش _من المعهد الألماني للتغذية.

وقد أظهر الباحثون لأول مرة كيف يمكن لبروتين معين يُسمى (WISP1) أن يُضعف بشكل مباشر من تأثير الأنسولين على خلايا العضلات والكبد، وبالتالي يؤدي إلى تقليل حساسية الأنسولين.

يُذكر أنه بالفعل في عام 2015 استطاع الفريق بقيادة رودوفيتش و عالم الأحياء بيفوفاروفا_ الكشف عن تورط (WISP1) كعامل محتمل بين السمنة وحدوث الاستجابات الالتهابية الجهازية؛ كما قد سبق تحديد ارتباطه أيضاً بتنظيم نمو العظام، وتطور أنواع معينة من السرطانات والتليف الرئوي.

لقد أظهرت الدراسة الحالية أن (WISP1) يلغي قدرة الأنسولين على “تثبيط إنتاج الجلوكوز” في الخلايا الكبدية للفئران، وأيضاً “تخليق الجليكوجين” في خلايا العضلات البشرية.

كما كشفت الدراسات أن التركيز الكلي لـ(WISP1) يرتبط بمستويات الجلوكوز في الدم، وذلك خلال اختبارات تحمل الجلوكوز الفموية (OGTT)، ويرتبط أيضاً بمستويات إنزيم (HO-1) المسئول عن تعزيز عمليات الالتهاب الجهازية، وبشكل خاص في حالات السمنة.

تقول تينا هوربلت _من المركز الألماني لمرض السكري: “نشك في أن زيادة إنتاج بروتين (WISP-1) من دهون البطن يمكن أن يكون أحد الأسباب التي تجعل الأشخاص ذوي الوزن الزائد يعانون من ضعف أيض الجلوكوز؛ كما أن أحد الأسباب المحتملة لزيادة إفراز (WISP-1) يمكن أن يكون ضعف إمدادات الأكسجين للأنسجة، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث استجابات التهابية على مستوى الجسم”.

تستطيع النتائج الجديدة أن تقدم لنا نهجاً بديلاً لعلاج الأمراض الناجمة عن السمنة؛ فعلى سبيل المثال، يمكن للأدوية الجديدة أن تستهدف تأثير (WISP1) على العضلات وخلايا الكبد، وبالتالي تؤدي إلى تحسين عمل الأنسولين في هذه الأنسجة.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى