الطفرات الموروثة والسرطان الوراثي
الطفرات الوراثية توجد بنوعين: الموروثة والمكتسبة. وفي هذا المقال نتناول باختصار الطفرات الموروثة ودورها في ظهور السرطانات:
تنتقل الصفات الوراثية من جيل إلى آخر إما عن طريق مورث متغلب في كروموسوم جسمي أو مورث متنحي في كروموسوم جسمي أو عن طريق مورث في الكروموسوم الجنسي.
وفيما عدا الطفرات الوراثية الكاملة تحدث أحياناً عند انقسام الخلية أخطاء بسيطة في استنساخ المورثات لغرض التكاثر تنتج عنها في الخلايا الجديدة مورثات لا تتشابه طبق الأصل مع الخلية الأم. ويطلق على هذه المورثات المتغايرة .Gene Variants
يؤدي وجود بعض الطفرات الموروثة إلى زيادة احتمالات نشوء الأمراض السرطانية في عائلة واحدة إما مباشرة أو عند توافر العوامل المساعدة على التسرطن خلال الحياة. ولكن وراثة طفرة أو تلف جيني غالباً ما لا تكون كافية بحد ذاتها لنشوء المرض فهناك عوامل أخرى تلعب أدواراً مهمة في تحديد احتمالات وسرعة ظهور السرطان نذكر منها نوع الطفرة ونوع الكروموسوم التالف وما إذا كان جسمياً أم جنسياً، متغلباً أم متنحياً ووظيفة المورث الجين التالف وأهميتها. كما يلعب الوضع الصحي والمناعي للفرد ووجود عوامل محفزة أو مساعدة لعملية التسرطن من عدمها أدوارهم في هذا المجال. وبالإضافة إلى هذا كله فإن عملية التسرطن قلما تنتج عن طفرة وراثية واحدة وغالباً ما تحتاج إلى طفرات وراثية متعاقبة. أما إذا عطلت الطفرة الوراثية أحد الجينات المحبطة للنمو فستلعب دوراً أساسياً ومباشراً في عملية التسرطن.
عندما تحدث الطفرة في مورث متغلب توصف نسبة ظهور تأثيراتها في الورثة بقابلية ذلك المورث على “الاختراق” Gene Penetration . فيكون الاختراق كاملاً عندما تظهر عواقب الطفرة الوراثية في جميع من يرثها من الأفراد بينما يكون الاختراق جزئياً عندما تظهر العواقب في نسبة معينة ممن يرثها من أفراد العائلة. ويكون اختراق الطفرات الوراثية المؤدية إلى سرطانات جزئياً في الغالب لأن طبيعة نشوء المرض تتطلب حدوث طفرات إضافية وتعتمد على وجود عوامل أخرى مسرطنة أومحفزة للتسرطن أيضاً.
هذا عن الطفرات الوراثية بصورة عامة. أما فيما يخص الطفرات المسببة للسرطان بصورة خاصة فيمكن تقسيمها إلى نوعين بحسب شدة تأثيرها على وظائف المورثات وهذه هي:
1. الطفرات عالية الاختراق High Penetrance Mutations : وهي التي تؤثر بصورة شديدة ومهمة على عمل المورثات مما يؤدي إلى ظهور مختلف أنواع السرطانات فيما بين أفراد العائلة الواحدة أو ما يسمى بمتلازمة السرطان العائلية Family Cancer Syndrome ، إضافة إلى متلازمات وأعراض وراثية مختلفة أخرى مسببة عن تناقل الطفرة واختراقها العالي في التركيب الوراثي لتلك العائلة. وتسبب الطفرات عالية الاختراق نسبة صغيرة فقط من السرطانات العائلية كما في سرطانات الثدي التي يرجع حوالي خمسها فقط إلى طفرات وراثية في مورثات البركا 1BRCA والبركا 2BRCA
2. الطفرات واطئة الاختراق – Low Penetrance Muta tions : توصف الطفرات الوراثية ب “واطئة الاختراق” عندما لا يؤثر وجودها بصورة مباشرة على وظيفة المورث ولكنها تلعب دوراً مهماً في زيادة احتمالات ظهور مرض سرطاني بصورة غير مباشرة وذلك بتوفير الحوافز المناسبة للتسرطن كان تؤثر على الصفات الجسمية التي تساعد في إنتاج نسب عالية من الهرمونات أو استحداث ممرات كيمياوية أيضية جديدة. وتسبب هذه الطفرات أكثرية السرطانات المتوارثة عائلياً حيث يعتقد أن هذه السرطانات هي حصيلة اجتماع الطفرات واطئة الاختراق مع المورثات المتغايرة Gene Variants الطفيفة سوية.
تنتج المورثات المتغايرة عن أخطاء طفيفة في استنساخ الشفرة الوراثية في في أثناء انقسام الخلية بحيث لا تعتبر طفرة وراثية. وتشمل أغلب التغايرات على تبادل قاعدة نيوكليوتايد واحدة بين مورثين على خيط الحامض النووي. ويطلق على هذا النوع التغاير الشكلي لنيوكليوتايد مفرد أو السنب SNP Single Nucleotide Polymorphism . وهناك أنواع أخرى أكثر ندرة من هذه التغايرات مثلاً تغير عدد صفوف مجموعة مكررة من القواعد النيوكليوتيدية.
ولا يؤدي ظهور المورث المتغاير بحد ذاته إلى عواقب ولكن تغايره قد يؤثر على فعاليته في التعبير الوراثي فيرفعها أو يخفضها مما يؤدي إلى زيادة أو قلة نواتج هذا التعبير وتبعاً له زيادة احتمالات ظهور السرطانات في هؤلاء الأفراد أو قلتها كما في ظهور سرطانات الثدي في حالة الارتفاع الوراثي لتراكيز هرمونات الإستروجين والبروجسترون. ويمكن أيضاً أن يؤثر التغاير سلبياً على إنتاج مركبات الأيض الواقية من السرطان كتلك التي تساعد على تحطيم المواد الكيمياوية في دخان السجائر مثلاً مما يفسر ارتفاع نسبة حدوث السرطانات في بعض المدخنين دون غيرهم .ACS NIH 2015
يمكنك اضافة اي تحديثات للمقالة في التعليقات.
– الكاتبة: الدكتورة مي رمزي طلحة الأرناؤوط.