استبدال مفصل الفخذ لسيدة بسبب خدش بسيط من حيوانها الأليف!
إذا كنت من محبي الحيوانات الأليفة وتقتني أحداً منها في بيتك، فلا يُمكنك بأي حال من الأحوال أن تجد مفراً من التعرض للخدوش أو العضات التي يسببها لك حيوانك الأليف، ليس لأن ذلك الحيوان يقصد إيذائك وإنما يعتبر ذلك تعبيراً عن سعادته بصداقتكما!
ولكن قد ينتابك بعض القلق إذا علمت أن سيدة بريطانية تبلغ من العمر 66 عاماً قد اضطرت إلى استبدال مفصل الفخذ كلياً بعد أن قام كلبها الأليف بخدش يدها!
"
إنك لن تستطيع أن تزعم بعد الآن أن الإصابات التي يُحدثها حيوانك الأليف بجسدك غير ضارة".
يُذكر أن تلك السيدة قد خضعت في العام 1997 لعملية جراحية تم فيها استبدال مفصل الفخذ كلياً، وقد قامت في الوقت الحالي بزيارة طبيب العظام الخاص بها بعد شعورها بآلام في منطقة الفخذ والأرداف، استمرت لعدة شهور قبل تلك الزيارة.
في بداية الأمر كانت تلك السيدة تخشى من احتمالية أن تكون مصابة بالسرطان في المنطقة مصدر الألم، ومن ثم تم إجراء الفحوصات والأشعة التي أظهرت خلو تلك المنطقة من أي ورم، ولكن على الرغم من ذلك لم يتوصل الأطباء إلى ما هو السبب الفعلي وراء هذا الألم.
لقد اشتبه الأطباء في إمكانية حدوث عدوى بداخل المفصل الاصطناعي الذي قامت السيدة بتركيبه في العام 1997، ولذلك قاموا بأخذ عينة من مفصل الفخذ للتأكد من صحة ذلك الاشتباه.
وبزراعة تلك العينة في معمل الأحياء الدقيقة، أظهرت ستة عينات -من أصل سبعة- خلوها تماماً من أي نوع من العدوى، ولكن العينة السابعة أظهرت نوعاً من البكتيريا سلبية الغرام (Gram-negative bacteria)، لم يتمكن الأطباء من تحديد هويتها.
تقول المريضة: "لسوء الحظ، لم تستطع تلك العينات إفادتي بأي معلومات حاسمة. لقد كان الألم يشتد بي طوال ذلك الوقت، وكانت مخاوفي تزداد بشأن حقيقة ما يحدث لي!".
لقد تم أخذ عينة ثانية، في محاولة من الأطباء لمعرفة السبب الحقيقي وراء ذلك الألم، ولكن هذه العينة لم تكن أحسن حظاً من سابقتها، حيث أظهرت مرة أخرى تلك البكتيريا مجهولة الهوية.
لذلك، فقد قام الأطباء بإرسال العينات إلى معمل جامعة كارديف المتخصص في شأن الكائنات الدقيقة، من أجل معرفة حقيقة هذه البكتيريا.
وصولاً إلى هذه النقطة، كان قد مر 14 شهراً من الألم غير المحتمل على تلك السيدة، منذ زيارتها الأولى لطبيب العظام تشكو من ذلك الألم.
لقد وجد الأطباء أن الأشعة المأخوذة للمفصل الوركي لهذه السيدة قد أظهرت دماراً شديدًا لحق بالقشرة الخارجية التي تكسو النهاية العليا لعظمة الفخذ نفسها، ناتجاً عن العدوى بتلك البكتيريا المجهولة.
ولقد استعان الأطباء بتقنية جزيئية تندرج تحت تفاعل البلمرة التسلسلي تُدعى (16S PCR)، تمكنوا من خلالها من تحديد هوية تلك البكتيريا، وقد وجدوا أنها نوعاً من البكتيريا بالغة النُدرة تنتمي إلى سلالة "سخامية عضة الكلب"(Capnocytophaga canimorsus)، والت تم تسجيل حالتي إصابة سابقتين بها فقط في تاريخ الطب بأكمله! وأنها قد أصابت في كلتا المرتين مفصلاً صناعيا كالذي يوجد بفخذ السيدة.
يُذكر أيضاً أن الإصابتين السابقتين بهذه السلالة البكتيرية لم تستمرا أبداً لمثل هذا الوقت الطويل، كما أن أعراض الإصابة لديهما لم تكن بهذا التطور البطيء.
بينما لا تُعد "سخامية عضة الكلب"(Capnocytophaga canimorsus) من أنواع العدوى الشائعة التي تصيب المفاصل الاصطناعية، إلا أنه في واقع الأمر تُعد عضات الكلاب هي المصدر الرئيسي لها (حوالي 1 من بين 4 كلاب يحمل تلك العدوى في فمه، كما تحملها بعض القطط أيضاً).
هذا النوع من البكتيريا يمكنه أن يسبح في مجرى الدم ويسبب كل من التهاب الأغشية السحائية، أغشية القلب أو عدوى العيون إذا تُرك بغير علاج.
في تلك الحالة التي نحن بصددها، تذكرت السيدة أن الكلب الخاص بها قد تسبب في خدشة بظهر يدها، وقد حدث ذلك قبل زيارتها للطبيب تشكو من الألم بحوالي 9 أشهر…
أي أن تلك الخدشة البسيطة هي ما تسببت في كل هذا!
قام الأطباء بتحليل ذلك الأمر بأن البكتيريا -والتي يحملها الكلب بداخل فمه- قد انتقلت إلى هذه السيدة عن طريق تعرضها للعابه، حيث لا تتطلب الإصابة بها أكثر من خدشة أو عضة بسيطة يقوم بها ذلك الكلب.
و
لحسن الحظ، تلقت السيدة علاجاً مكثفاً من المضادات الحيوية لقتل البكتيريا التي أصابتها، كما خضعت لعملية جراحية لاستبدل فيها مفصلها الاصطناعي بواحدٍ آخر، وبذلك استطاع الأطباء وضع الحد لآلام استمرت شهوراً عديدة.
تقول السيدة بعد تمام شفائها: " إن القلق مازال يراودني! إن التفكير في إمكانية أن يتكرر هذا الأمر مرة أخرى لَهُو شيء مرعب بالنسبة لي!".
إننا يجب أن نحترس بعد الآن عند التعامل مع الحيوانات الأليفة، وأن نضع الضرر والألم الذي قد تسببه لنا في عين الاعتبار.
وقد تم نشر قصة تلك الحالة في مجلة BMJ Case Reports.