اختبار يكشف البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في نصف ساعة
لقد غير اكتشاف المضادات الحيوية في أوائل القرن العشرين الطب الحديث، وأصبحت الإصابات البسيطة التي قتلت الناس في السابق سهلة العلاج، وقد مكننا تطور قدرة المضادات الحيوية على درء العدوى من إجراء عمليات جراحية روتينية، وزرع الأعضاء، والعلاج الكيميائي لعلاج السرطان.
ولكن بسبب الإفراط وسوء الاستخدام، بدأت المضادات الحيوية تفقد فعاليتها. وقد طورت العديد من أنواع البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية الشائعة الاستخدام. وفي الشهر الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيرا خطيرا: “العالم بدأ يستنفذ مخزونه من المضادات الحيوية“.
ويمكن أن تساعد أداة اختبار جديدة_ تم تطويرها في شركة كالتيك والتي تتعرف على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في أقل من 30 دقيقة_ الأطباء في اختيار أفضل المضادات الحيوية لعلاج العدوى. وقد نشرت ورقة عن هذا الاكتشاف في مجلة Science Translational Medicine.
عندما يتعامل الأطباء مع المرضى الذين يعانون من الالتهابات البكتيرية، فإنهم غالبا ما يتخطون الخط الأول من المضادات الحيوية مثل الميثيسيلين أو الأموكسيسيلين – الأدوية التي من المرجح أن تكون البكتريا مقاومة لها- ويذهبون مباشرة لمضادات حيوية أقوى من الخط الثاني، مثل السيبروفلوكساسين. وهذه الطريقة تزيد من فرصة أن يكون العلاج فعالا، ولكنه لن يكون مثاليا. وذلك لأن زيادة استخدام المضادات الحيوية من الخط الثاني يزيد من احتمالية أن تصبح البكتيريا مقاومة لهذه الأدوية الأقوى أيضا .
يقول ناثان شويب، وهو طالب دراسات عليا من شركة كالتك، ومؤلف هذه الدراسة:”في الوقت الحالي، نحن نبالغ في وصف المضادات الحيوية، لذلك نحن نشهد مقاومة أسرع بكثير مما يُتوقع للكثير من المضادات الحيوية التي كنا نرغب في الحفاظ عليها للحالات الأكثر خطورة”
والمشكلة هي أنه لم يكن هناك طريقة سريعة وسهلة للطبيب لمعرفة ما إذا كانت عدوى المريض مقاومة لمضادات حيوية معينة، ولمعرفة ذلك، يجب على الطبيب إرسال عينة إلى المختبر، والانتظار يومين إلى ثلاثة أيام للحصول على نتيجة.
يقول رستم إسماجيلوف، مدير معهد جاكوبس للهندسة الجزيئية للطب: “إن العلاجات مدفوعة بالمبادئ التوجيهية والقواعد الإرشادية التي وضعتها منظمات مثل منظمة الصحة العالمية أو مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها دون معرفة ما لدى المريض فعلا، لأن الاختبارات بطيئة جدا، ويمكننا تغيير العالم باختبار سريع مثل هذا، حيث يمكننا تغيير طريقة وصف المضادات الحيوية”.
وقد سعى فريق البحث بقيادة إسماجيلوف إلى تطوير اختبار يمكن الحصول على نتائجه خلال زيارة واحدة لعيادة الطبيب. وركزوا على واحد من أكثر أنواع العدوى شيوعا بين البشر، وهي التهابات المسالك البولية (عدوى المسالك البولية)، والتي يعاني منها 50 في المئة من النساء خلال حياتهم. وينتج عن عدوى المسالك البولية ثمانية ملايين زيارة طبيب ومليون زيارة للطوارئ سنويا في الولايات المتحدة وحدها.
ويعمل هذا الاختبار الجديد كالآتي: عينة من البول (التي قد تحتوي على البكتيريا) التي تم جمعها من مريض يعاني من التهاب المسالك البولية يتم تقسيمها إلى قسمين، يتعرض قسم واحد لمضادات حيوية لمدة 15 دقيقة، في حين أن الجزء الآخر يحتضن دون مضادات حيوية. ثم يتم تحليل (تكسير) البكتيريا من كل عينة لإطلاق سراح محتوياتها الخلوية، والتي يتم معالجتها من خلال عملية تشمل تقنية كشف كيميائي عن طريق التضخيم الرقمي (digital real-time loop-mediated isothermal amplification, dLAMP) بواسطة جهاز يسمى سليبشيب_SlipChip (سليبشيبس هو اختراع سابق لإسماجيلوف وزملائه ). وتعمل هذه التقنية على مضاعفة مؤشرات محددة في الحمض النووي بحيث يمكن تصويرها وحسابها بشكل فردي كبقع مضيئة (فلورسنت) منفصلة تظهر على الرقاقة.
ويعمل هذا الاختبار على مبدأ أن البكتيريا النموذجية سوف تضاعف الحمض النووي (في التحضير للانقسام الخلوي) بصورة أقل في محلول به مضادات حيوية، مما يؤدي إلى ظهور مؤشرات الحمض النووي بصورة أقل. ومع ذلك، إذا كانت البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، فإن مضاعفتها للحمض النووي لن تتعرقل وسوف يُظهر الاختبار عددا مماثلا من مؤشرات الحمض النووي في كل من المحاليل المعالجة وغير المعالجة بالمضادات الحيوية.
وعند تم تجربته على 54 عينة من البول من المرضى الذين يعانون من عدوى الجهاز البولي الناجم عن بكتيريا الإشريكية القولونية، كانت نتائج الاختبار متطابقة بنسبة 95 في المئة مع تلك التي تم الحصول عليها باستخدام الطريقة القياسية الذهبية في تحديد مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية.
ويخطط إسماجيلوف لبدء تشغيل الاختبار على أنواع أخرى من البكتيريا المعدية لمعرفة مدى كفاءته. كما أنه يأمل في تعديل آليات الاختبار للعمل مع عينات الدم. ويصعب اختبار العدوى بالدم لأن البكتيريا موجودة بأعداد أقل بكثير مما هي عليه في البول، ولكن مثل هذا الاختبار يمكن أن يساعد على تقليل الوفيات الناجمة عن العدوى المنقولة عن طريق الدم، والتي يمكن أن تؤدي للوفاة إذا لم تعالج بسرعة.