احذري! .. هذا الدواء يؤثر قدرة أطفالك الإنجابية
كشفت دراسة جديدة _نشرت في مجلة Human Reproduction الرائدة في مجال الصحة الإنجابية_، أن النساء الحوامل اللواتي يستخدمن عقار الايبوبروفين Ibuprofen (البروفين) كمسكن للألم خلال الأشهر الأولى من الحمل، قد يتسببن في خفض مخزون البويضات في مبيض الأجنة الإناث.
وقد توصل الباحثون من خلال هذه الدراسة إلى أول دليل مؤكد على الضرر الشديد الذي يلحق بنسيج المبيض البشري عندما يتعرض للايبوبروفين خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحياة الجنينية، حيث ينتج عن ذلك التعرض فقداً هائلاً ونقصاً شديدًا في عدد الخلايا الجرثومية المسؤولة عن تكوين البويضات في وقت لاحق خلال حياة الأنثى.
وتتمثل الخسارة الكبيرة لتلك البويضات إما في موتها أو فشلها في النمو والتضاعف بالمعدلات الطبيعية.
تقول الدكتورة سيفيرين مازود جيتوت -الباحثة الفرنسية التي أشرفت على الدراسة-: ” “في الأحوال العادية فإن الأطفال الإناث يولدن بعدد محدود من الجريبات داخل المبايض، وهذا العدد هو الذي يتحكم في قدرتهم الإنجابية عندما يُصبحن بالغات”.
وتضيف: “إن انخفاض مخزون المبيض من الجريبات الخاصة به يؤدي إلى أحداث سلبية كثيرة في الحياة الإنجابية للأنثى، كـقصر فترة الخصوبة والتي تكون فيها الأنثى قادرة على الحمل والإنجاب، وبالتالي الوصول المبكر لسن اليأس أو حتى تأخر الإنجاب”.
و تقدم جيتوت مزيداً من التوضيح قائلة: “خلال الحياة الجنينية، فإن مبايض الأجنة الإناث تستغرق وقتاً يتجاوز الثلاثة أشهر الأولى من أجل تكوين مخزون الجريبات الإحتياطي الخاص بها، وعند تناول عقار الايبوبروفين خلال تلك الفترة المبكرة من الحمل لمدة صغيرة، فإن المبيض يستطيع أن يتغلب على تأثيره السلبي إلى حد ما، ويحاول تعويض الفاقد في مخزون جريباته”.
“على الرغم من ذلك فقد وجدنا أن تناول البروفين خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل -ولمدة تراوحت من يومين إلى سبعة أيام فقط-، قد صاحبه نقص كبير جدا في عدد الخلايا الجرثومية بداخل مبايض الأجنة الإناث، ولم تستطع المبايض أن تتعافى بشكل كامل من ذلك الضرر الذي ألحقه الايبوبروفين بها”.
إن ذلك يعني أن التعرض الطويل للايبوبروفين خلال فترة الحمل قد يؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على خصوبة الإناث، وهذا يجعلنا نوجه عناية فائقة إلى خطورة تناول عقار الايبوبروفين خلال الـ24 أسبوعاً الأولى للحمل. وقد تؤدي
تلك النتائج إلى تغيير قائمة التوصيات الخاصة بالأدوية المسموحة والمحظورة أثناء فترة الحمل، حيث قد يتغير وضع الايبوبروفين على تلك القائمة.
إن حوالي ما يُقدر بـ 30% من النساء الحوامل يتناولن عقار الايبوبروفين خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل. وتحذر التوصيات الحالية من تناول مُسكنات الألم خلال تلك الفترة حيث أنها تُزيد من معدل حدوث التشوهات في الجنين، ولكن لا يوجد حتى الآن أي دليل ثابت على مدة صحة أو خطورة تناولها خلال الأسابيع الأولى من الحمل.
وفي هذه الدراسة، حصلت الدكتورة مازود جيتوت وزملاؤها على أجنة بشرية تتراوح أعمارها بين سبعة واثني عشر أسبوعاً من التطور، وذلك في حالات إنهاء الحمل القانوني وبعد الحصول على موافقة الأمهات، حيث
قامت جيتوت بزرع الأنسجة المبيضية في المختبر، وتم تعريض بعضها لعقار الايبوبروفين مع عدم تعريض البعض الآخر، وقد وُجد أن أنسجة المبيض المُعرضة للايبوبروفين بتركيز 10 ميكرومول قد بلغ عدد الخلايا الجرثومية بداخلها نصف العدد المتواجد بداخل المبايض الغير مُعرضة للعقار.
تقول جيتوت: “لقد وجدنا أن هناك عدداً أقل من الخلايا يتمكن من النمو والانقسام، مقابل موت المزيد من الخلايا. لقد كان هناك فقد كبير في أعداد الخلايا الجرثومية بغض النظر عن عمر حمل الجنين بالأسابيع”.
“لقد رأينا موت الخلايا الجرثومية في مبايض الأجنة بعد يومين من التعرض للايبوبروفين بتركيز 10 ميكرومول، كما رأينا آثاراً سلبية شديدة لحقت بالمبايض بعد مرور سبعة أيام من التعرض له. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الآثار لم يتم عكسها تماماً حتى بعد سحب العلاج لمدة خمسة أيام كاملة”.
إن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي اهتمت بالنظر في آثار الايبوبروفين على الأنسجة المبيضية للفتيات الأطفال، وأول من كشفت أن الايبوبروفين يمكنه عبور الحاجز المشيمي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وهو ما يترتب عليه تعرض الجنين للدواء.
إن ما يهمنا بعد الحصول على تلك النتائج هو أنه يجب التعامل مع الايبوبروفين كما هو الحال مع أي دواء آخر، حيث يجب أن يتم استخدامه بأقل جرعة وأقصر مدة ممكنة لتسكين الألم أو تخفيف الحمى، وخاصة أثناء الحمل.
وتكمن النصيحة الأكثر أهمية في ذلك الأمر في اتباع التوصيات المُعتمدة حالياً، وهي أنه يفضل استخدام الباراسيتامول على أي دواء آخر مضاد للالتهابات في الـ24 أسبوعاً الأولى من الحمل، ولا يجب تناوله في الفترة ما بعد ذلك.